كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين آل خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي يكفي من كل شيء ولا يكفي منه شيء والذي ينجي من كل شيء ولا ينجو منه شيء والصلاة والسلام على نبي العالم وسيد الرسل وخير الخلق واكمل البشر طه الامين حبيب رب العالمين محمد وآله الطيبين الطاهرين
(الله كافي نبيه)
قال المولى الله تعالى في كتابه المجيد (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) الحجر|٩٥
الرسول محمد (ص) اكمل خلق الله واحسن عباد الله واعظمهم اخلاقًا نعم هو هكذا وكما يذكر الشاعر المخلص في قوله :
بلغ العلا بكماله
كشف الدجى بجماله
حسنت جميع خصاله
صلوا عليه وآله
–
والذي بلغ به الى الكمال هو ربه وخالقه وبارئه الله تعالى وبه وبجماله الذي منحه الله اياه كشف الدجى وصار مصباح هدى وحسنت جميع خصاله وصفاته فصار بذلك الى اعظم اخلاقه والذي بها حوى كل المكارم والفضائل كما قالها ربه وخالقه الله العزيز (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم|٤
كان كذاك وربه له واهب وهو لما يريده ربه ذاهب فكما كانت العناية من رب السماء له كذلك هو كان لنفس صانع وعن الردى لها دافع اذ كانت اخلاقه وادابه اخلاق واداب السماء
فاستحق بعد ذلك الصلاة عليه وآله ومن كان على هديه لازم فكان بهذا المقام وهذه العظمة احق ان يعظم ويكرم ويحاط بالحفاوة والاجلال
وكان اول من قدم هذا هو ربه ورب الخلائق اجمعين الله تعالى فجعل صلاته وصلاة ملائكته واهل الايمان عليه فقال سبحانه وتعالى (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) الاحزاب |٥٦
فالصلاة على النبي من قبل ربه هو رفع مقامه وذكره لقوله تعالى (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) الشرح|٤
وكذلك صلاة الملائكة عليه هو ذكره وابانة مقامه وفضله وصلاة اهل الايمان عليه بجريان ذكره على السنتهم قائلين اللهم صل على محمد وآل محمد واظهار احترامهم واعظامهم واكرامهم له واتباعهم لاوامره وعدم ابداء اي مخالفة او تشكيك في اي من اوامره وعدم رفع الصوت بحضرته ومقامه او التقديم بين يديه بقول او فعل او رفض اي حكم في حياته او بعد مماته وبهذا تتحقق المعاملة الحسنة والصلاة السليمة على رسول الله وبها تثبت هيبته وعظمته
وتكون لدى من يخالف او يتحامل او من في نفسه نية سوء او تعدي حسابًا وتقديرًا حين يفكر بالاساءة او التطاول والاستهزاء
ومن هنا اقتضى الامر من امة تتبع نبيًا او رسولاً كالرسول محمد (ص) ان تكون على مستوى متقدم وعلى وعي واسع وتعامل عالي معه وتتعاطى بما هو لائق ومناسب ومقامه الرفيع
وبعد هذا تكون حاضرة ومستعدة ان تقدم اغلى مالديها وماتملكه في سبيل الذود والدفاع عنه وعن مقامه وبكل ماتيسر سواء في مجال الاحتجاج او الاستنكار والمقاطعة لكل من تسول له نفسه بأي شكل من الاشكال من اساءة او استهزاء او اذى او تطاول وبالخصوص حين يصدر ذلك من دولة او اي فريق آخر
ينبغي ان يكون الرد حازمًا وصارمًا سواء في المجال الاقتصادي او حتى الدبلوماسي او اي علاقة اخرى او بالاتجاه نحو ماهو اكبر الا وهو محاكمة من يقدم على التعدي وتجريمه ليكون ذلك سبيلاً لردع من تحدثه نفسه بمثل هذا التصرف المشين والسيء
لان التطاول على المقدسات والمقامات العظيمة تعد جريمة وانتهاك لا يقل عن المحرمات الاخرى كالدماء والاملاك والارواح بل هي اعظم واشد لان الاستهانة والازدراء بالمقدسات كالقرآن العظيم والنبي الكريم وغيرهما يكون فيه الاستهانة والاستهتار بما هو دونهما
فاذا ما عظمت الامة قرآنها ونبيها يقودها ذلك الى تعظيم وحرمة دماء وارواح وممتلكات بعضها البعض واصبحت بذلك امة لها هيبتها وشموخها وعزتها
وبهذا الحال والوضع يمكن القول بأن الله تعالى يكفي كتابه ونبيه من الاستهانة والتعدي والتطاول كما ذكر سبحانه وتعالى في كتابه العزيز (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) الحجر|٩٥
واحد الامور ولعله اهمها في كفاية الرسول هو ماتضمره امته من صدق واخلاص وحب له ودفاع عنه وعن دينه وعدم التهاون امام اي جهة تقدم على اي فعل او تصرف مسيء لمقامه العالي
وبهذا تكون هذه الامة قد وفت ولو بالشيء اليسير بحق نبيها ورسولها والذي به نالت الفخر والعز والمقام الشامخ
فهل نحن فاعلون ومعه صادقون؟
–
نسأل الله المولى الكريم ان يجعلنا من اهل الصدق والاخلاص لمقام نبينا (ص) وذلك عبر الدفاع والردع لكل من اقدم على اساءة او اي تصرف مشين
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة ١٣|٣|١٤٤٢ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس