الإنضباط العلمي
الانضباط العلمي
رضي منصور العسيف
سأله أحدهم: ما رأيك في (العمل الفلاني)؟
أجابه: لا أعلم فهو ليس من اختصاصي…
فرد عليه السائل مرة أخرى: أنت تمتلك هذه الخبرة ومع ذلك تقول لا أعلم …
فأجابه مرة أخرى: نعم لا أعلم …. ويمكنك سؤال الموظف (الفلاني) فهذا تخصصه …
إن البعض يريد منك أن تكون كجابر بن حيان الذي أطلق عليه العديد من الألقاب والتي منها “الأستاذ الكبير” و”شيخ الكيميائيين المسلمين” و”أبو الكيمياء”. يريدونك (ويكيبيديا) تتحدث لهم في شتى التخصصات…
في حين نجد الدعوة إلى الانضباط العلمي في قوله تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) الإسراء آية (36)، وجاء في وصايا النبي (صلى الله عليه وآله) لأبي ذر -: يا أبا ذر إذا سئلت عن علم لا تعلمه فقل: لا أعلمه تنج من تبعته، ولا تفت بما لا علم لك به تنج من عذاب الله يوم القيامة (1).
ولكي نحقق عملية الانضباط العلمي أذكر لكم هذه النقاط:
النشر الواعي
هناك العديد من القواعد في مجال النشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أو الحديث في الملتقيات والديوانيات الاجتماعية، اخترت لكم منها ما يلي:
أنشر المميز: اجعل منشورك وحديثك مميزًا وليس تقليديًا.
اجعل منشورك جذابًا من خلال الصورة والألوان المناسبة، فهناك شريحة من المتابعين تهتم بالصورة أكثر من النص.
إثارة ذهن المتابع، اجعل المتابع يفكر في المادة العلمية المنشورة.
حجم المحتوى المنشور: حيث أن البعض يتفاعل مع المحتوى القصير أكثر من المقالات السردية.
وما أجمل ما ورد عن الإمام علي (عليه السلام): أحسن الكلام ما زانه حسن النظام، وفهمه الخاص والعام (2).
التحقق من صحة المعلومات
قال الإمام علي (عليه السلام): خذ الحكمة ممن أتاك بها، وانظر إلى ما قال، ولا تنظر إلى من قال (3).
تتدفق علينا يوميًا مئات الرسائل والمعلومات والأخبار المختلفة، وعلينا أن نتعامل معها بصورة ذكية من خلال:
اعتمد على المنطق في تحديد نوعية الأخبار فعندما تقرأ خبرًا ما وتشعر أنّه من غير المنطقي أن يكون صحيحًا، فمن المحتمل ألاّ يكون كذلك فعلاً. تذكّر دومًا أن الإشاعات والأخبار المزيّفة تتغذّى على مخاوفك ورغباتك.
تحقّق من صحة الدلائل والبراهين المذكورة ولا تعتمد على : “أثبتت الدراسات”، أو “أكّد الباحثون…” وما شابهها. في حال لم يتمّ تحديد هذه الدراسات وتواريخها وإرفاق رابط لموقع رسمي موثوق قام بنشرها، فهي غير حقيقية في كثير من الأحيان.
وكما يقول تعالى: (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ ) الزمر آية 18
الظرف المناسب للنشر
إذا أردت أن تكون لكلماتك ولمنشوراتك تأثير على الآخرين فعليك أن تهتم بالظرف المناسب وذلك من خلال:
اختَر الظرف المناسب: مكانًا، وزمانًا، وإنسانًا؛ كما يقول الإمام علي(عليه السلام): لكل مقام مقال (4).
وعنه (عليه السلام): لا تتكلمن إذا لم تجد للكلام موقعا (5).
وكما يقال: “اختر كلامك قبل أن تتحدث، وأعط للاختيار وقتًا كافيًا لنضج الكلام، فالكلمات كالثمار تحتاج لوقت كافٍ حتى تنضج”.
كما لا يَجب عليك أن تقول كل مـا تعرف، و لكن يجب أن تعرف كل ما تقول. فـ(لا تحدث الناس بكل ما تسمع، فكفى بذلك خرقا) (6). كما قال الإمام علي (عليه السلام).
بعد هذا هل لازلنا نرغب أن نمارس عملية الصحفي الذي ينشر ما هب ودب…
ليس النجاح بالسبق الصحفي بل النجاح بالنشر المميز …
الهوامش:
1 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٢ – الصفحة ١٢١٩
2 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢٧٤١
3 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢٠٨٣
4 ، 5 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢٧٤٣
6 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢٧٣٩