دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ‏بمحامده كلها ‏وبإحسانه كله وبجلاله كله وبسلطانه بأعظمه ‏والصلاة والسلام على نور الانام وضياء الظلام ‏المصطفى محمد وآله الميامين الطيبين الطاهرين
(‏الحسين من الرسول والرسول من الحسين)
‏قال الرسول الاكرم محمد (ص)(‏حسين مني وأنا من حسين)
‏أن يكون الشخص هو نفسه لا غيره هذا ما هو عليه مقتضى الطبيعة و طبيعة الوجود ‏وسنة التكوين و إما أن يكون الشخص غيره وغيره هو ‏هذا ما لم يكن مألوفا ولا معروفا
‏وإذا ما قدر وحدث إنما ذلك لسر من الاسرار ومعنى من المعاني
‏وكما هو الحال من خروج ‏الطيب من الطيب والخبيث من الخبيث وهذا هو مقتضى الطبيعة وسنتها
‏وحين يكون خلاف ذلك أي حين يخرج الخبيث من الطيب او الطيب من الخبيث ‏فهذا غير مألوف ولا متعارف
‏وان ذكر ‏في القرآن أن الله يخرج الطيب من الخبيث ‏ويخرج ‏الخبيث من الطيب إنما ذلك لسر وحكمة قد أودعها الله تعالى في مثل هذا التدبير والجريان
‏نعم ويبقى الحال والوضع كما هو مرسوم ومقدر له من أن البلد الطيب لا يخرج ‏نباته إلا طيبا بإذن الله وكذلك البلد الخبيث لا يخرج منه الا خبيثًا نكدًا ‏أي لا يخرج إلا مثله كما يقول المولى جل ذكره( وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ۚ كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) الاعراف | ٥٨
‏وهل هناك من شجرة أو موجود في الكون أطيب من رسول الله محمد (ص) ‏وما عساها أن تنبت وتخرج إلا ما هو مثلها ‏طيبا طاهرا زكيا
‏فنبات ‏وثمرة هذه الشجرة المباركة هو الحسين بن علي بن أبي طالب الذي لم يبقى شيئا من مزايا وسمات ومعالم وخصال تلك الشجرة إلا وقد تمثلها وتزين بها
وبهذا المعنى قصد واشار رسول الله (ص) بقوله (‏حسين مني وأنا من حسين)
‏نعم الحسين من رسول الله (ص) ‏قلبا وقالبا نسبا وإنتسابا ‏رحمًا ‏وروحًا ونفسًا وانفاسًا وموقفًا وقرارًا وعزمًا وعزة
‏فصار بذلك الحسين هو محمد ومحمد هو الحسين
(وانا من حسين)
‏فيما كان عليه من الإخلاص للدين ‏والدفاع عنه والحماية له والجهاد في سبيل صونه ‏وسلامته وحفظه من التحريف والمحو والإماتة
‏فالوضع هو الوضع ‏الذي كان عليه رسول الله (ص) ‏في تفانيه واخلاصه وحميته وحمايته للدين ‏وان كلفه ذلك الموت دونه ‏فقالها صلى الله عليه وآله(‏لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر ما تركته أو أموت دونه)
‏فهذا هو موقف الشرف والصدق يقدمه رسول الله وهو درس لمن يرتبط وينتمي لهذا الدين ويعتنقه
‏أن يكون حافظا له وعاملًا به ومدافعا عنه
‏وهكذا فعلها روح وريحانة وسبط الرسول ‏وثمرة البتول وابن فحل الفحول الحسين الإمام ابن الإمام صاحب النهضة الخالدة ورائد الدعوة الصادقة ورافع الراية الطاهرة
‏وبنفس النفس والروح التي كان عليها جده وأبوه في إقامة الدين ‏واحياء الشرع ومناهضة الشر والعدوان
وان كلفه ذلك الموت في سبيل ذلك كما قالها جده (ص) فهو يقولها بعد جده
(‏ان كان دين محمد ‏لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني)
‏وهذا هو المعنى والمقصد من قول رسول الله (ص)(‏حسين مني وأنا من حسين)
‏أي أن الحسين من رسول الله في مواقفه من حفظ الدين والدفاع عنه
‏كما أنه من رسول الله نسبًا ورحمًا وقربًا وقرابةً
‏كذلك أن رسول الله من الحسين روحا ورحما وعزما وموقفا
‏أي أن مواقف الحسين هي هي ‏مواقف رسول الله
‏فكذلك مواقف الرسول لا تتباعد ‏ولا تختلف عن مواقف الحسين فلو قدر ‏لرسول الله(ص) ‏بالانبعاث ‏يوم عاشوراء والحضور لما كان قراره وموقفه الا ‏يكون بجانب مخيم الحسين الذي هو مخيم رسول الله وإلى ‏معسكر الحسين والذي هو معسكر رسول الله ومعسكر جميع أنبياء الله ورسله
كيف لا وهو ‏الوارث لجميع الأنبياء والرسل وحامل راياتهم ‏وحامي رسالاتهم ‏فهو مع الأنبياء والأنبياء معه

‏نسأل الله المولى الكريم أن يجعلنا من أحباب الحسين وجده وأبيه ‏وأمه واخيه ‏في الدنيا والاخره انه ربنا سميع عليم وللدعاء مجيب
‏والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

٨|١|١٤٤٢ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى