كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي به تتم الصالحات وترفع الدرجات وتقبل الحسنات وتصلح الاحوال والصلاة والسلام على رسول الصلاح وداعية الاصلاح محمد المصطفى وآله الصالحين الطيبين الطاهرين
(الصلاح ثم الاصلاح)
قال الامام ابو عبد الله الحسين بن علي بن ابي طالب(؏)(واني لم اخرج اشرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالمًا وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله (ص))
الصلاح يقابله الفساد والعمار يواجهه الخراب والنماء يمنعه الكساد
والحياة وجدت لتكون عامرة بالصلاح وقائمة بالنماء ومتسربلة بالامان وقارة بالسلام
هذا ماقدره وقرره رب الكون والحياة وخالقهما الله الذي خلق كل شيء ثم هدى وبعث مابعث وارسل ما ارسل من الانبياء والرسل ورجالات اصلاح ودعاة الى الخير لتحقيق ما اراده لهذه الحياة من صلاح وخير وتقدم ووئام وامان وسلام وحب واخاء وبذلك قالت رسله واخبرت انبياؤه بذلك واحدًا بعد واحد لا يريدون بذلك الا الاصلاح واقامة العدل وافشاء الاحسان
وهذا احدهم يشير والى كل من دعى قبله ومن بعده يقول ويبين الا وهو نبي الله ورسوله شعيب الداعي الى الاصلاح ومنابذة الفساد اذ يقول (؏)(ان اريد الا الاصلاح ما استطعت وماتوفيقي الا بالله عليه توكلت واليه انيب) هود|٨٨
فالصلاح وبكل ماتعنيه الكلمة من معنى سواء في المجال الاخلاقي والسلوكي او الاقتصادي والاداري او الديني والحياتي وهكذا وفي كل صفحات الحياة فاذا تحقق ذلك فهو المطلوب والمرجو
والا ماعلى اهل الاصلاح وسدنة القانون والشرع الا القيام بتكليفهم وواجبهم وهو الدعوة الى الاصلاح والاعادة بالامر الى مساره الصحيح ومسلكه السليم حتى يكون بذلك حفظًا وسلامةً للحياة من ان يداخلها شيئًا من الخلل والخراب وتبقى ناعمة وسالمة من اي خرق وتعدي
وهذا ماجهد لأجله رسول الله محمد (ص) والسابقين من قبله من الرسل والانبياء والدعاة واهل الاصلاح
حين كانت المجتمعات تعجو بالفساد والجهل والشدائد والمعاضل والرذائل والمنكرات والفواحش انطلقت رجالات الاصلاح من انبياء ورسل وغيرهم لانتشال تلك المجتمعات من الهلاك والابادة والعذاب
فقسم من هؤلاء المجتمعات وبسبب استجابتهم واستماعهم لدعوة الحق والاصلاح نجوا وخلصوا من المصير السيء والمر
الا ان قسمًا كبيرًا من تلك المجتمعات صاروا الى ما لا تحمد عقباه من العذاب والهلاك وذلك بسبب العناد والتعنت والعصيان والاصرار على المخالفة وعلى هذا اجتهد رسول الرحمة ونبي الاسلام محمد (ص) على ان لا يكون مصير هذه الامة كمصير وحال من سبق من الامم الذي جرى عليهم ماجرى من العذاب والابادة
فتمكن وبفضل عناية الله تعالى واكرامًا له من قبل ربه ان لا يكون مصير هذه الامة كمصير من ابيد وهلك وذلك لما تحقق من استجابة وطاعة لرسول الله (ص) فكان لهم بذلك الخير والنجاة والفلاح والامان
وهكذا استمر بهذه الامة الحال مادامت متمسكة بهدي ربها وطاعة نبيها
ولكن حين وقع منها الخلاف والمخالفة لله ورسوله حلت عليها ماحلت من المصاعب والشدائد الى ان انتهى بها الامر ان ابتليت بفتنة بني امية وعلى رأسها ومقدمتها معاوية وابنه يزيد الذي راحوا تعديًا وظلمًا وجورًا وفسادًا فاتخذوا دين الله دخلاً وماله دولاً وعباده خولًا فاخذوا يأخذون على الظنة ويقتلون على التهمة فيالها من رزية عظمى وكارثة كبرى جاءت على دين الله وعباده
فكان لهذه الكارثة وهذه الرزية حسين الاصلاح وداعية الرشاد كما كان جده وابوه وامه واخوه من قبل في مواجهة موجات الفساد وحركات الالحاد ورايات الضلال
فاعلنها صراحة لا لبس فيها ولا غموض بل اوضح من الشمس في رابعة نهارها
قائلاً وعند خروجه من مكة البيت الحرام وفي الشهر الحرام والذي قد انتهكت فيه الحرمات من قبل من تحكم في دين الله وعباده من غير وجه حق وفي الوقت نفسه يصدع بالكفر والالحاد والجحود لله تعالى والوحي حين قالها يزيد الخمور والقرود والمجون "لا خبر جاء ولا وحي نزل"
وبهذا كانت مسؤولية الامام الحسين ودوره ان يعلن موقفه ويقوم بما عليه من واجب تجاه دينه وشرعه
فخرج للمواجهة واللقاء لازالة الاشواك عن وجه الاسلام الذي القى به عليه حفيد الشر والشرك يزيد اللهو والعبث وعندها قالها الامام ابو عبد الله الحسين(؏)(واني لم اخرج اشرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالمًا وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله (ص))
نعم هكذا هو الامام الحسين (؏) كما جده وابوه وحيث سيرتهما العطرة وانطلاقتهما المطهرة وبذلك قال (؏)(واسير بسيرة جدي وابي علي بن ابي طالب)
–
نسأل الله المولى الكريم ان يوفقنا للصلاح والاصلاح والاهتداء بهدي الامام الحسين والذي هو هدي الله ورسوله ووليه كما هو كذلك وقد اخبر الله عنه في حديث قدسي (ان الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة)
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق وسيد الرسل محمد وآله الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة ١٠|١٢|١٤٤١ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس