كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي بنوره هدي الانام وزال الظلام وبان الحلال من الحرام والصلاة والسلام على نبي السلام ورسول الاسلام الكريم بن الكرام المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(الله الهادي لأهل السماء والأرض)
قال الله العزيز الحكيم في كتابه المجيد
(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ)النور |٣٥
النور نوران :
نور في لباسه وتكونه المادي والشكلي
ونور في وجوده وتمثله الجوهري والمعنوي
فالنور الذي تبصر به الاشياء هو نور البصر والذي به يهتدى الى تلك الاشياء
واما النور الذي به تتحقق الهداية فهو من نوع آخر والذي يقع على القلب لا على البصر والذي به يحصل الانسان على بصيرته ونوره والذي به يشق دربه في الحياة
كما هو صاحب النور المادي الذي يقطع المفاوز في ظلمات الليل فيصل الى مايريد
فصاحب البصيرة والهداية كذلك يصل بهذا الى مبتغاه وغايته الا وهي السعادة والفلاح
فنور البصر والبصيرة كلاهما من الله تعالى الذي هو نور السموات والارض
فكم هو الانسان في راحة وسرور بوجود نور بصره الذي به يكفى حاجاته ويصل الى مطالبه واعظم من ذلك من ينال ويحصل على نور البصيرة ونعمة الهداية فإنه يكسب بذلك ليس سروره وراحته وحسب بل سعادته وفلاحه بينما من يفقد بصره ليس بالضرورة ان يفقد سعادته وفلاحه
نعم هو في حالة من البلاء والضيق ولكنه ببصيرته وهدايته ينتهي الى سعده وفوزه
وهناك اناس هم في اشد واقوى حال في بصرهم ونور اعينهم ولكنهم في اسوأ حال من العمى والضلال وبالتالي الى الشقاء والعذاب
ونعم الحال والمقام حين يكون الانسان على اقوى ما يكون في بصره وبصيرته فينظر بقوة بصره في ملكوت الله تعالى وآياته ومخلوقاته وكتابه فيكون في صفاف اهل البصيرة والهداية والعلم والمعرفة والقرب والخشية من الله تعالى ليكسب ببصره وبصيرته رضوان الله ورضاه ونعيمه وجنته
فمهما حصل الانسان من نعم في حياته وبعدها فهي من الله تعالى كهاتين النعمتين البصر والبصيرة وهو تفضل وتكرم من رب السموات والارض
فالهداية هي نعمة من رب الكون الله تعالى والذي هو نور السموات والأرض وقد جاء في الذكر الحكيم من قوله تعالى (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ) النور | ٣٥
نور الله نور هداية وهو اعظم من كل نور
اذ به يهتدي اهل السموات والارض
وقد سئل الامام الرضا (؏) عن قول الله عز وجل (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)
قال (؏): (هادٍ لأهل السماء ، هادٍ لأهل الأرض)
ويعني ذلك ان الله هاد لأهل السماء والارض بالقرآن او بالنبي محمد او بالادلة الدالة على توحيده
فعلى كل حال سواء كان هذا او ذا او ذاك فكلها سبل وطرق اقامها الله تعالى ونصبها لانارة الدرب والطريق لخلقه للوصول الى هدايته وعبادته
كما هو الحال الذي يفتح بصره ويضيء نوره ليصل الى مايريد ويقصد في هذه الحياة
وهو بنور الهداية وضياء البصيرة اولى له من نور البصر وان كان نور البصر مهم وعزيز
اذ ان نور الهداية فيه السعادة والفلاح وفقدانه يعني السقوط والشقاء
ولكن من يفقد بصره ليس بالضرورة فاقد بصيرته وهدايته
اذ انه كم من الاشخاص هم فاقدون لنعمة البصر ولكنهم يعيشون في اوسع نعيم الهداية وخلاف ذلك اشخاص هم على اشد ما يكون من الحدة والقوة في ابصارهم ولكنهم عن نور البصيرة والهداية ابعد مايكون من العمى والضلال
واشد حالًا من هذا الوضع ان يكون شخص او اشخاص هم مكفوفون وعمي في كلي الحالين في بصره وبصيرته ويالها من كارثة وضلال
ومن هنا يستدعي الانتباه والالتفات والحيطة والحذر
ان يحرص الانسان على مالديه من نعم ويحفظها ويصونها ويتصرف بها نحو الاتجاه السليم لينعم بها في حياته ويسعد بها في آخرته
فمن النعم الظاهرة والبارزة ينبغي ان ينتقل الى النعم الباطنة وهي ان يتحرك بعقله ووعيه ليؤدي حق تلك النعم ومافيها ليكسب بذلك هدايته وقربه الى صاحب النعم عليه وهو ربه تعالى
ليفوز في نهاية المطاف برضا الله تعالى ورضوانه ونعيمه وجنانه
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة ٢٥|١١|١٤٤١ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس