كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي جعل الربح في عبادته والفوز في طاعته والنجاة في الاخلاص له والصلاة والسلام على خير البرية وسيد البشرية المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(ربح الصائمون وفاز القائمون)
جاء في المناجاة (الهي ربح الصائمون وفاز القائمون ونجا المخلصون)
الربح ربحان ربح في دار الفناء وربح آخر في دار البقاء وكذلك الفوز فوزان
من الحسن والجميل ان يحقق الانسان في حياته الربح والفوز والتقدم ويكسب السباق وهذا يكشف تلك الروح الطموحة والجادة
وهذه هي طبيعة الحياة ودورتها وهي بمثابة قاعة امتحان وسباق
فيها يمكن ان يربح فريق من الناس ويخسر آخرون اذ يقول الامام علي محمد الهادي (؏)(الدنيا سوق ربح فيها قوم وخسر آخرون)
نعم هذا الفوز والربح والنجاح في هذه الدنيا او الخسران والخيبة ينبغي ان يحقق انتقالة والتفاتة الى ماهو اعظم واكبر من هذا الربح والفوز اوالفشل والخسارة
فالذي يمتلك من القدرة والنباهة وقوة التدبير في اكتساب الربح او الفوز والنجاح في هذه الحياة ينبغي ان لا يفوت عن باله وادراكه ذلك الفوز والربح الاكبر والاعظم الا وهو الفوز والربح بالآخرة
اذ بهذا يمكن ان يفوز ويربح بالدارين
واما من يقصر همه وعزمه وتصميمه وسعيه على ان ينال الربح والفوز في الدنيا فقط فهو يعيش وضعًا وحالًا فيه مافيه من القصور والتدني لأن الانسان الفطن والنبه هو الذي يرمي بسهم فهمه الى ماهو ابعد واوسع وهكذا هم اصحاب الافهام العالية والمدارك الرفيعة والتطلعات العريضة
لأنهم مهما حققوا من انجازات وارباح ومكتسبات في هذه الحياة فهم يتوجهون الى تحقيق وانجاز ماهو اعظم واكبر في ساحة اخرى وهذا هو المهم
اذ انه يمكن ان يربح ويفوز البعض في هذه الدنيا ولكنه يمكن بتجاهله وغفلته يخسر ماهو اهم واولى
كما هو الحال لمن يخسر في هذه الحياة ولكنه يمكن ان ينال الآخرة ويفوز بها
اذ ان خسارته وفشله يمكن ان يحدث له جرس انذار من ان لا يقع في فشل وخسارة اخرى وهي اعظم وهي خسارة الآخرة
ومن هنا يمكن القول انه ليس من ربح الدنيا فاز بالآخرة وليس من خسر الدنيا هو من الخاسرين في الآخرة
ولكن بالامكان لمن لديه بصيرة وعناية ان يكون رابح وفائز في الدنيا والآخزة
وكذلك يمكن ان يكون البعض هو خاسر وخائب في الدنيا والآخرة والعياذ بالله تعالى
اذ انه من كان في هذه اعمى فهو في الآخرة اعمى واضل سبيلاً كما يقول الله تعالى (وَمَنْ كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا) الاسراء |٧٢
فشرع الله وهديه سبيل وطريق اعظم به يتحصل الانسان وينال الربح والفوز في الدارين اذا ما جسد وعمل باحكام الله وتشريعاته على مايريده الله ويبتغيه
فالصوم هو احد هذه التشريعات والاحكام والذي من خلاله ينتهي الانسان الصائم المخلص الى جزاء الله ورضوانه والربح والفوز بنعيم الله وجنانه
فيكون مقامه في صفاف الذين نالوا تكريمهم وفاز معهم
وهذا هو معنى هذا القول المبارك (الهي ربح الصائمون وفاز القائمون )
نعم الصوم الذي به ينال الصائم الربح هو الصوم الذي نفذ وجسد على وجهه السليم وكيفيته المرضية وذلك عبر الاعتصام والكف عن المحارم والمعاصي كما هو الكف عن المطاعم والمشارب وغيرهما
ومع الربح والفوز برضوان الله ونعيمه يكون الخلاص والنجاة من عذاب الله وسخطه كما ذكر (ونجا المخلصون)
اي الذين اخلصوا صيامهم لله تعالى وخلصوه من الشوائب والمآثم فنالوا بذلك الربح والفوز وثم الخلاص والنجاة
–
نسأل الله المولى الكريم ان يوفقنا للاخلاص في الصيام والحفظ له من الذنوب والمعاصي وان يكتبنا من الرابحين الفائزين وان يجعل اسماءنا في السعداء وارواحنا مع الشهداء واحساننا في عليين واساءتنا مغفورة
انه ربنا جواد كريم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة ٢٨|٩|١٤٤١
الشيخ حسين مهدي آل خميس