دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين المنعم المنان المكرم الحنان المحسن الرحمن والصلاة والسلام على نعمة الله السابغة وحجته الدامغة وآيته الصادقة الصادق المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(في السراء والضراء نعمة)
قال الامام جعفر بن محمد الصادق (؏)(لله في السراء نعمة التفضل وفي الضراء نعمة التطهر)
لله تعالى نعم لا تعد ولا تحصى وان حاول احد ان يدركها او يقف على منتهاها لا يمكنه ذلك مهما كان عليه من القدرة والاستطاعة لان القائل المنعم الله تعالى (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ ) ابراهيم |٣٤
نعم يمكن للانسان ان يحصي ما يحصي من نعم الله عليه وليس كلها لكن ماهو الاهم هو التعامل الحسن مع النعم وذلك عبر شكر معطيها ومنزلها ومبديها وبذلك تبقى وتدوم وتثبت وتزيد لقول الجواد العزيز في كتابه الكريم (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) ابراهيم | ٧
فنعم الله تعالى على عباده على وجهين واتجاهين وتقديرين ونوعين
فوجه ونوع من النعم فيها يظهر السرور والانشراح والانبساط والهناء
وهذا النوع من النعم يسمى بالتفضل والتكرم كما يقول الامام جعفر بن محمد الصادق (؏)(لله في السراء نعمة التفضل)
ونوع آخر من النعم فيها يبرز ويظهر الحزن والانقباض والتكدر والمكروه ومهما كان وجرى من الم وحزن الا ان في محتوى ذلك نعمة وحكمة تحيط بذلك المكروه الا وهي نعمة التطهر والتنظف من الذنوب والخطايا والتخلص من التبعات اذ يقول الامام الصادق (؏)(وفي الضراء نعمة التطهر)
ومن هنا يمكن القول لمن كان في حال حسن ووضع طيب فيه مافيه من السرور والهناء والنعيم والخير ان يكون ذاكرًا لله تعالى وشاكرًا له وطائعًا له ومتبعًا لأمره
وان لا يرى هذه النعم الا تفضلاً وتكرمًا من المولى تعالى
ليكون بذلك على حال فيه يضمن صلاحه واستقامته وسلامته من البطر والغرور وعدم الميل والسقوط
وكذلك الحال بالنسبة لمن تنزل بساحته امور واحداث حزينة وضارة هي نعمة وان كان لباسها وظاهرها مكروه وسيء
اذ انه ليس كل ماهو مكروه ليس بخير او لا خير معه
كما هو الحال لكل ماهو ظاهره سرور وطيب ان يحمل في خفاياه اشياء ضارة ومهلكة ومدمرة ومردية وخلاف ماعليه الظاهر
اذن مهما ظهر وبان من امر وكان فيه مما هو مكروه او شدة الا انه يحمل في ثناياه النعمة والتطهر كما مر ذكره (وفي الضراء نعمة التطهر)
اذ ان المعتاد في سبيل التخلص والتطهر من الذنوب والمعاصي هي التوبة والندم واصلاح ما فسد واسترداد الحقوق وكذلك من ابواب وطرق التطهر جريان وحدوث الامور المضرة والمكروهة وحينها يصبح الانسان طاهرًا نظيفًا في نفسه وقلبه كما هي في طهارته في بدنه ولباسه واموره الخارجية
فالله تعالى وهو احكم من كل حكيم لا يجري للانسان الا مافيه صلاحه وخيره سواء فيما احب او كره او فيما فيه السرور او الحزن فكلاهما خير ونعمة
فما على الانسان الا ان يكون بمستوى من الوعي والادراك وبالتالي الرضا في المكروه كما هو الرضا في المحبوب
لينال بذلك رضا الله وحبه واكرامه والوصول الى ارفع درجات اليقين كما يقول الامام السجاد (؏)(الرضا بمكروه القضاء ارفع درجات اليقين)
فأرفع درجات اليقين انما تكون بالرضا بالأقضية والاحكام التي فيها مافيها من الشدة والكراهة والصعوبة والمرارة
وهكذا هو حال اي امة تتطلع الى التقدم والمجد والرقي والازدهار ان تتحمل المصاعب والشدائد والظروف المكروهة بالصبر والتوكل
كما هو الحال في حالة الرخاء والهناء بالشكر والثناء
وهو السلوك الصحيح والسير السليم
اذ ان الامة كأي فرد من افرادها في الشدائد صبور وفي الرخاء شكور
وهنا بكون المشهد ما اروعه واجمله وابهاه

نسأل الله المولى الكريم ان يجعلنا من الشاكرين على نعمه والصابرين على قضائه وقدره
‏والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ٤|١١|١٤٤١ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى