دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الناصر لرسله والمؤمنين والمعز لاوليائه والمجاهدين والمظهر لدينه وناصريه والصلاة والسلام على سيد رسل الله وخير خلق الله الهادي الى الخير والداعي الى الفلاح المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(القيادة الحكيمة والطاعة الاكيدة يدرك بهما النصر)
قال الله العزيز في كتابه الكريم (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الانفال |٤٦
النصر يتحقق وينجز بعوامله واسبابه وشرائطه وعناصره ومن يريده من دون ذلك انما يكون دونه خرط القتاد اي من يخرط الاشواك الشديدة بيده
والنصر مهما كانت عوامله واسبابه صعبة وشديدة الا انه لا يحلو مذاقه ولا يهنأ طعمه الا بالأخذ بتلك الامور والمقدمات والاسباب
ومن اهم واعظم الاسباب والعوامل التي بها ينال النصر ويكسب توفر قيادة حكيمة لها مالها من الخبرة والرؤية الثاقبة وبالخصوص اذا ماكانت مؤيدة ومسنودة من رب السماء الذي هو احكم الحاكمين الله العلي الحكيم حينها تكون قيادتها وادارتها نحو التقدم والانتصار والفلاح والفتح والانجاز والارتقاء وهذا ماتحقق في برهة من الزمن وعلى يد جمع من الانبياء والرسل الذين حظوا بأناس لهم مالهم من الملكات والقدرات كالاعتقاد السليم والقوة والطاعة الصادقة وهذا ماجرى وحدث في وقت رسول الله محمد (ص) حين التف جمع من الناس تحت قيادة الرسول (ص) وقد توفرت فيهم تلك الملكات والسمات الطيبة كالاحترام والاعظام والسمع والطاعة لله ورسوله ، والالتزام بما يشير اليه الرسول ويدعو اليه بهذا وبقيادة رسول الامة محمد (ص) استطاعت الامة ان تحقق نصرها على عدوها وتقدمها في حياتها التزامًا بتوجيه الله تعالى وامره حين قال (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )
نعم مع القيادة الرشيدة والحكيمة والطاعة الاكيدة اضافة الى تجنب عوامل الضعف والانهزام المتمثلة في النزاع والخلاف الذي يؤدي الى الفشل وفقدان القدرة لأن النزاع يذهب بالعزة والقوة وتكون معه الهزيمة والفشل
ومن هنا يقتضي مع طاعة الله ورسوله ان يكون الحرص في تجنب النزاع والمشادة التي من خلالها يقع الضعف والتفكك وبالتالي لا نصر ولا تقدم
فالأمة القوية والمنتصرة هي الامة القوية في طاعتها لربها ورسولها والتزامها بهدي ربها ونبيها والحرص كل الحرص في الحفاظ على وحدتها وتماسكها والفتها واتفاق كلمتها ونبذ كل امر فيه ذهاب ريحها وعزتها وقوتها وشموخها
ففي مثل هذه الايام وبالخصوص في يوم معركة احد الظافرة في بداية انطلاقتها والاليمة والحزينة في آخرها ، لأن في البداية كان الالتزام والطاعة والامتثال لامر الله ورسوله وطاعتهما حيث ان مجرى المعركة كان في اتجاهه المطلوب وهو الانتصار كما خطط له الرسول (ص) ورسم ولكن حين وقع الخلاف والاختلاف والمخالفة لامر الله ورسوله جرى مالا يحمد عقباه الا وهو التفاف العدو بقيادة رجل من المشركين ومعه اعوانه حين وجدوا ان الرماة قد انحدروا من فوق الجبل الذي امرهم رسول الله (ص) بالبقاء للحفاظ والدفاع والحماية وان لا ينزل احد منهم الا بأمر منه (ص) الا انهم حين رأوا المسلمين قد انتصروا واخذوا بجمع الغنائم فداخل هؤلاء الرماة الظن السيء من ذهاب نصيبهم من الغنائم فنزلوا وبهذا قد فتحوا المجال للعدو فاغتنمها فرصة وقام بالهجوم غدرًا على المسلمين وقد تفاجأ الجميع بهذا التغير ووقع الارباك ولشدة ماجرى ومن دون قصد مع ماوقع عليهم اي على المسلمين اخذ يضرب بعضهم بعضًا وهكذا انتهت هذه المعركة والتي من المفترض انها كانت في صالح المسلمين في بداية الامر الا انها وبسبب عدم الالتزام بأمر القيادة المتمثلة برسول الله (ص)
وكذلك فيما وقع في نفوس هؤلاء الرماة من طمع في الغنائم والمكاسب والعائد الى ماوقع من سوء ظن وخلاف
فخسروا بذلك الامرين النصر والذي هو اعظم امر يمكن ان يتقدم اليه المقاتل والمضحي والأمر الآخر الا وهي الغنائم وهي مادون النصر بكثير
ومما ينبغي ان يلتفت المجاهد والمقاتل في جهاده وقتاله الى الوصول للنصر وهو اكبر مكسب وانجاز
وابعاد عن فكره وباله مايمكن ان يصل اليه من غنائم ومكاسب أخرى
اذ ان المكسب والربح والمغنم الاعظم ان يعود المقاتل وهو منتصرًا ورافع الرأس وكل ذلك فيما يكون نصرًا للاسلام والدين
وهذه هي الغاية القصوى والامنية الكبرى في خوض المعركة دفاعًا عن الدين وحماية ونصرًا له مهما كلف ذلك من فوات غنائم او مكاسب او حتى فقدان شطرًا من اهل الجهاد ما دام الدين سالمًا ومرفوعًا

نسأل الله المولى الكريم ان يوفقنا جميعًا لطاعته وطاعة رسوله والالتزام بتوجيههما والثبات في المواقع والاستقامة على الطريق والوصول الى مايريده الله ورسوله
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الأخيار الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ١٩|١٠|١٤٤١ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى