دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي له مافي السموات ومافي الارض ومابينهما وما تحت الثرى والذي يعلم السر واخفى والصلاة والسلام على المصطفى محمد وآله الغر الميامين الطيبين الطاهرين
(منهومان لا يشبعان)
قال النبي الاكرم محمد (ص)(منهومان لا يشبعان ، طالب علم وطالب دنيا، فأما طالب العالم فيزداد رضا الرحمن واما طالب الدنيا فيتمادى في الطغيان)
طلاب العلم كثر ولكن من يقوم بالعناية نزر وهكذا طلاب الدنيا كذلك كثر ومن يقوم بما يرضي الله قليل
نعم طلب العلم فضيلة ومكرمة ومنقبة وسالك بصاحبه سبل الجنة وان الملائكة تستغفر لطالب العلم ومن كان في طلب العلم كانت الجنة في طلبه
ومن يطلب الدنيا ليربح ويكسب بها الآخرة فهو على خير وفلاح
واما من يتوجه ويسعى في كسب الدنيا للدنيا ومافيها من تمظهر وتباهي انما يزداد بذلك طغيانًا وانقلابًا عن جادة السعادة
والحال كذلك من يطلب العلم لغايات رخيصة وهابطة وبعيدة عن اهداف ومرامي العلم الحقيقية فإنه ينتهي الى الافلاس وضياع الغاية
كأنه يتعلم العلم ليقال عنه عالمًا وينال المدح والثناء والاطراء او ليباهي به العلماء او يماري به السفهاء لا يشم رائحة الجنة
كما يقول الرسول الاكرم محمد (ص)(من طلب العلم ليباهي به العلماء او يماري به السفهاء في المجالس لم يرح رائحة الجنة)
فالمتعلم او العالم ينبغي ان يقف وبكل نباهة ووعي وفطنة وادراك على الغاية الكبرى من العلم الا وهي صلاح واصلاح النفس وتزكيتها
والانطلاق في تأدية رسالة العلم وبصدق واخلاص
ليكون بذلك في موضع التكريم وان الملائكة تضع اجنحتها وتستغفر له فرحة به
وكذلك حيتان البحر وهوام الارض وينال بذلك منزلته ودرجته عند الله تعالى اذ يقول الرسول الامجد محمد (ص)(من جاءت منيته وهو يطلب العلم فبينه وبين الانبياء درجة)
ويكون بالعلم محروسًا ومحفوظًا كما قال امير المؤمنين (ع) لكميل بن زياد (ياكميل : العلم خير من المال ، العلم يحرسك وانت تحرس المال والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الانفاق وصنيع المال يزول بزواله)
وبالعلم ينال الانسان المتعلم الخلود والحضور كما يقول امام العلم علي بن ابي طالب (ع)(والعلماء باقون مابقي الدهر)
نعم انهم العلماء الذين وفوا وصدقوا مع رسالة العلم بعطائهم وبذلهم واهتمامهم البالغ والواسع في نشره وبثه واظهاره والعمل به وكانت نفوسهم في حال من النهم والتلهف في كسبه وحيازته و ًالعمل به والدعوة اليه وكذلك من يكون في حالة كسب المال والدنيا والسعي بعد ذلك الانفاق والبذل في سبيل الله وعباده ينال بذلك رضا الرحمن كما ناله اهل العلم الذين كلما ازدادوا علمًا ازدادوا رضا الرحمن
واما من ازداد مالًا ولم يزدد عطاءً وانفاقًا بل منعًا وامساكًا او انفاقًا في سبيل السوء والعصيان انما ينتهي ويزداد طغيانًا وفجورًا
وهذا ماصرح به رسول الله (ص)(منهومان لا يشبعان ، طالب علم وطالب دنيا، فأما طالب العالم فيزداد رضا الرحمن واما طالب الدنيا فيتمادى في الطغيان)
فطلب المال والدنيا امر مباح وحسن كما هو طلب العلم
وانما الامر في كيفية التعاطي معه او به
اذ ان الانسان بالعلم يمكن ان يكون في صفاف اهل القداسة والكرامة او ان يكون في صفاف اهل الدناءة والمهانة
وكذلك من يحصل على المال يمكن ان يرتقي به الى مراتب المحسنين ودرجات الصديقين
لصدقه واحسانه وبذله وسلوكه الحسن والصالح
ويمكن ان يكون بالمال والدنيا في قائمة الطغاة والفراعنة الذين اطغاهم المال
كما جرى لقارون والذي انحرف وطغى حين حصل على المال فكانت نهايته ان خسف الله به وبداره الارض
فالحذار الحذار لاصحاب الثروة سواء كانت علمية او مالية ان يكون مآلهم ومصيرهم الى ما صار وانتهى اليه كل طاغٍ وقارون
بل ينبغي ان يكون السلوك والتصرف الذي فيه النجاة والفلاح والرضا والرضوان

نسأل الله المولى الكريم ان يوفقنا للعلم والعمل الصالح والعطاء والبذل الخالص في سبيله
انه ولي التوفيق والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ٧|٥|١٤٤١ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى