دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي خلق فأحسن وصور فأتقن واعطى فأنعم والصلاة والسلام على الرسول الامجد والنبي المؤسد ابي القاسم محمد (ص) وآله الطيبين الطاهرين
(كفاك ادبًا لنفسك)
قال الامام ابو محمد الحسن بن علي العسكري(ع)(كفاك ادبًا لنفسك تجنبك ماتكره من غيرك)
الادب اعلى زينة الكبار واعظم تاج على رؤوس العظام وخير مايورث الملاّك لابنائهم الادب
والادب هو تلك المحاسن العالية والمكارم العظيمة والشيم النبيلة والخصال الخيرة والسمات السامية فمن يظفر بها وينالها يظفر وينال الشأن الرحب والعريض
وهكذا هم اصحاب العقول واصحاب الفهم والحكمة كل همهم وسعيهم هو السعي والجد في تحصيل وكسب ذلك ونيله ثم بثه ونشره عبر الاثير ليعطروا به اجيالهم ويتحفونهم به ويطيبونهم
اذ ان الانسان الطيب والمتزين هو ذلك الانسان الذي تطيب بأعلى مايكون من الادب والخلق الحسن وتزين وتجمل بأرفع صفحات المكارم والفضائل والمآثر والمحاسن
والادب انما يتحقق من خلال مجالين وميدانين وساحتين
المجال الاول : فيما يكون من المواظبة والتعاطي والتمثل للخصال والافعال الحسنة والطيبة كالعلم والمعرفة والعطاء والجود والبر والاحسان والسماحة والكرم وغيرها من كنوز الاحسان والادب
والمجال الثاني : فيما يكون من الكف والامتناع عن خصال الشر وفعال السوء المناهضة للأدب والمسقطة له كالوقاحة والبذاءة والبخل والشح والدناءة والضعة والاستعلاء والانفة والاستهانة بالآخزين والتعدي عليهم ، وكل ماهو عادم ومسقط للأدب ، اذ ان الانسان المؤدب والمتحضر هو من يحوز على جواهر الكلم ومحاسن الفعل
ومعرض ومبتعد عن سفاسف الامور ومدانئ الاخلاق
نعم بادي ذي بدأ أن الادب الحسن يأخذه ويكسبه الانسان من بوابته الحسنة والطيبة
ولكن يمكن ان يحصل عليه ايضًا من باب آخر وطريق ثاني وهو الاعراض والابتعاد والامتناع عما يفعله اصحاب السلوك السيء
وهذا ما اشار اليه الامام الحسن العسكري (ع) بقوله (كفاك ادبًا لنفسك تجنبك ماتكره من غيرك)
اذ حين ينظر الانسان الى شخص يتصرف او يعمل عملاً منافٍ للأدب والذوق
ويقوم بالاعتراض عليه وعدم الرضا به يكون ذلك سببًا وداعيًا ان يكون متجنبًا لذلك الفعل المكروه والسيء وهذا سبب كبير وطريق عظيم به يمكن ان يحوز الانسان على ادب رفيع وسلوك عال
اذ انه يمكن الحصول على الادب ممن لا أدب له وقد وقف جماعة على انسان رأوه يمتلك ادبًا رفيعًا وسلوكًا عاليًا ، فقالوا له ممن تعلمت الادب ؟
فقال : ممن لا أدب له
فقالوا : وكيف ؟
فقال: حين نظرت الى شخص يعمل خلاف الادب والاحسان كرهت منه ذلك وعملت خلاف مايعمل وبذلك حصلت على هذا الادب .
نعم لا يكفي ان يكره الانسان الادب السيء والسلوك المنحرف بل ينبغي مع هذا الكره ان يعمل الانسان ماهو البديل عن ذلك الا وهو القيام بأعمال الخير وافعال البر التي تكشف عن صلاح صاحبها وسلامة نفسه وطهارة روحه وهكذا يعم السلام وتعمر المحبة وتنمو شجرة المودة في نفوس بني الإنسان.

نسأل الله المولى الكريم ان يمن علينا بالأدب الرفيع والخلق العظيم والسلوك السليم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول المودة والسلام محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ٩|٤|١٤٤١ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى