كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي جعل التقوى حصنًا من عذابه وسبيلاً للتفاضل بين خلقه وسببًا لقبول المساعي والصلاة والسلام على ساكن المدينة وراكب السفينة ووالد الامينة المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(الفضل بالتقوى لا بالحسب)
قال الرسول الامجد محمد (ص)(ان ربكم واحد وان اباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب (ان اكرمكم عند الله اتقاكم) وليس لعربي على عجمي فضل الا بالتقوى ، الا هل بلغت؟ قالوا : نعم ، قال: فليبلغ الشاهد الغائب)
حالة التفاضل والتمايز كثير من الناس يتطلع اليها ويسعى في الحصول عليها ويجد في الوصول اليها
فحين يصيبها انما ذلك بسبب اتقانه وبذله الوسع من الاجتهاد وبعدها يصير مميزًا ومقدمًا
واما من لم يأخذ بالاسباب ولم يعمل بالمقدمات فالحال يكون فاقدا لما فيه التميز والتقدم وهكذا حرص رسول الله (ص) كل الحرص على ان تكون امته امة متميزة ولها مكانتها من بين الامم وقد استطاع ان يحقق ذلك التطلع والتميز بما قدمه وقام به من توجيه وارشاد وعناية ومتابعة وتعليم وعمل وحسن واحسان وبر ومعروف وادب واحترام وخير واخلاق وصدق وصلاح
وارتقت الى التقدير الرفيع من ربها تعالى فقال ذلك بحقها (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ) آل عمران | ١١٠
نعم لقد اصبحت هذه الامة خير الامم حين التزمت بمنهاج ربها وتوجيه نبيها
ونبذت وابتعدت عن كل امر ينقص من شأنها ويحط من مقامها واخذت بالاسباب السليمة والتقديرات الصحيحة التي عبرها يكون التمايز والتفاضل فيما بينها ثم فيما بينها وبين الامم الاخرى
وقد اقام رسول الله (ص) الشاخص والميزان الدقيق لأمته ولمن يريد ان يحقق تفاضلاً وتمايزًا بينه وبين غيره
فكان ذلك التقوى والخشية من الله تعالى
اذ ان مايميز الانسان ويجعله مقدمًا ومفضلاً على غيره ليس ماله ولا نسبه ولا حسبه ولا عنصره ولا قوميته ولا جنسيته ولا عرقه
وانما مايملكه من عناصر وملكات عالية ورفيعة متوافقة وتقدير رب الكون والحق والصواب الذي هو مطلب للجميع
وكذلك ابوهم واحد وهو آدم وعوده كما بدأه الى التراب كما قالها معلمنا ومربينا ونبينا محمد (ص) (يا أيها الناس :ان ربكم واحد وان اباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب (ان اكرمكم عند الله اتقاكم) وليس لعربي على عجمي فضل الا بالتقوى )
وعلى هذا ليس بمقدور اي انسان سواء كان عربيًا او غير عربي ان يسجل لنفسه فضلاً وتميزًا على غيره الا بالتقوى والمكارم اذ ان النعرات العربية او العجمية او الجاهلية وغيرها لا يصنع منها امة متميزة ومتقدمة ومتفضلة
بل العكس تمامًا اذ ان من يضرب على وتر القومية وامثالها من هذه العناوين إنما يكشف عن ضعفه وسوء نظره واما الانسان القوي المقتدر هو من ينفتح على الآخرين ويتلاق معهم ويتعاطى بما يتوافق والذوق الانساني
واذا ماكانت ثمت اشياء وامور يمكن ان يظهر بها الانسان ويتميز على غيره هي تلك الامور التي تدفع بالآخرين ان يقابلونها بالقبول والاقبال والرضا والحب والعمل بها الا وهي افعال الخير والبر والمكارم والتقوى
وهذه ليست فقط تجعل الانسان مميزًا على غيره عند بني البشر بل ومميزًا ومكرمًا عند رب البشر الله تعالى وقد قالها الله تعالى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات |١٣
وبهذا يكون صلاح الاعمال وقبولها عند الله لقوله جل ذكره في كتابه العزيز (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) المائدة | ٢٧
المتقون هم الذين عملوا الحسنات وتجنبوا السيئات وترفعوا عن الهفوات والزلات كالترفع والازدراء للآخرين او الاستهانة بالآخرين على اساس عنصر او لون او قوم او شعب او طائفة او ما شابه
اذ انها سقطة عظيمة تردي بصاحبها الى الهلاك وغضب الله تعالى
–
نسأل الله المولى العزيز ان يوفقنا للخير والمعروف ويجنبنا مساوئ الجاهلية والنعرات الطائفية وان يجعلنا من اهل الفضل والمكارم انه ربنا كريم جواد
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على معلم الاخلاق ومربي المكارم محمد النبي العربي الهاشمي وآله الاطهار الطيبين الطاهرين
–
٣|٣|١٤٤١ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس