متلازمة الأكل ليلاً
رضي منصور العسيف
روي عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: لا يجتمع الصحة والنهم (1).
ما إن يخلد الجميع للنوم حتى تراه يخرج من غرفته متجهًا إلى تلك الزاوية المفضلة لديه في البيت … هناك يقضي بعض الدقائق … مستمتعًا … يسعى أن ينهي عمله سريعًا قبل أن يكتشفه أحد أفراد العائلة ….
مضى على هذه الحالة أسبوعين …
ذات يوم أشتكى أحد أخوته أنه فقد قطعة (كاكاو) التي كان قد وضعها في الثلاجة … سألوه هل أنت من أكل الكاكاو … ؟
أجابهم بتردد لا …. لست أنا …
في يوم آخر قالت الأم من الذي أكل قطعة الكيك … ما الذي يحدث في بيتنا … ما إن نضع شيئًا ما في الثلاجة حتى يختفي …
هل نعيش مع الجن ؟؟؟!!
وفي إحدى الليالي سقط الصحن من يده … استيقظت الأم مفزوعة …. أسرعت إلى المطبخ لتجده واقفًا مدهوشًا خجلًا بعد أن اكتشف أمره ….
سألته أمه: ماذا تفعل في هذه الساعة المتأخرة من الليل؟! لماذا لا تتوقف عن الأكل ….؟!!
أجابها: لا استطيع …. الجوع لا يدعني أنام ….. لدي رغبة ملحة للأكل ….. ماذا أفعل ؟
سنفرض قانون حضر دخول المطبخ ليلاً … وسيتم اقفاله في الساعة العاشرة …. وسأحتفظ بالمفتاح عندي … نحتاج إلى استخدام القوة في مثل هذه الحالات… هكذا أجابته الأم …
يصاب البعض بحالة يطلق عليها (متلازمة الأكل ليلاً) وتتميز هذه الحالة بالرغبة الشديدة في الأكل ليلاً وفي ساعة متأخرة ربما تكون نتيجة حالة نفسية يمر بها المريض كالقلق والاكتئاب، أو ربما تكون بسبب اضطراب بعض الهرمونات كـ (ميلاتونين والكريستول و اللبتين والجريلين).
لا يمكننا أن نطلق على أحدهم أنه مصاب بهذه المتلازمة إلا بعد دراسة الحالة ومعرفة السلوكيات ودوافع تناول الطعام.
لكي لا نصاب بهذه المتلازمة
أوقف عادة الأكل ليلا حالاً
لكي لا يتحول هذا السلوك وهذه العادة إلى متلازمة أو إدمان عليك أن توقف تناول الطعام في وقت متأخر، حدد لنفسك وقتًا معينًا وتعاهد مع نفسك لكي توقف هذه العادة.
تخلص من هذه العادة قبل أن يقوى عليك سلطانها كما يقول الإمام علي (عليه السلام): “للعادة على كل إنسان سلطان”. وعنه (عليه السلام): العادة عدو متملك (2).
وكلما سارعت بالتخلص من هذه السلوكيات في بداية حدوثها كان ذلك أسهل في التخلص منها.
*هل انت جائع حقاً؟*
روي عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: إياك وإدمان الشبع، فإنه يهيج الأسقام ويثير العلل (3).
يمكنك أن تسأل نفسك هذا السؤال: ” هل انت جائع حقاً؟”
تعرّف على الجوع الحقيقي ففي بعض الأحيان قد يكون الجوع بسبب احتياج جسمك إلى الارتواء فقط وليس الطعام.
قد يكون الجوع بسبب حالة فراغ تعيشها، وقد يكون دافعك لتناول الطعام لإرضاء أحدهم!
لذلك عليك أن تحدد حقيقة رغبتك لتناول الطعام، ولا تجعل لنوبة الجوع البسيط تسيطر عليك، وتذكر أن هذه النوبة تمتدّ إلى فترة لا تتجاوز الربع ساعة.
*التعديل السلوكي*
على الإنسان أولا تغيير سلوكه وتجنب كل ما يمكن أن يساهم في حدوث نوبات الأكل الليلية وذلك من خلال:
تنظيم الوجبات الثلاث الأساسية ( فطور، غذاء وعشاء) ولا تهمل أي وجبة أساسية.
قم باستبعاد المأكولات عديمة القيمة الغذائية كالحلويات والمشروبات الغازية وغيرها من البيت أو إخفائها أثناء الليل.
من أجل تجنب السعرات الحرارية الزائدة ينبغي تحضير بعض الوجبات الخفيفة الصحية كالخضار(خس أو خيار أو جزر) أو ثمرة تفاح مع كوب زبادي خالي الدسم. فهذه المأكولات تحتوي على سعرات حرارية قليلة، وفي الوقت نفسه تجعلك تشعر سريعًا بالشبع.
يمكنك تجربة شرب السوائل المهدئة فترة الليل مثل اليانسون، والنعناع فيسترخي جسمك وتؤهله لحالة النوم، وتملأ بطنك وتقلل إحساسك بالجوع فترة الليل .
افعل شيئًا جميلاً، أدخل جسمك في روتين يومي صحي تتخلى فيه عن الأكل قبل النوم مباشرة كممارسة بعض الهوايات المفضلة لديك. وفي حال فراغك لا تهرب إلى الأكل.
*استعن بصديق*
قد تحتاج إلى دعم معنوي من أحدهم (أمك، أبوك، زوجتك، عائلتك) يساعدك في التخلص من هذه العادة، ولكي يرسم لك طريقًا سليمًا يساعدك على الوقوف بعد التعثر، ويشجعك لكي تحدث تغيرًا وتصحح سلوكك الغذائي.
الهوامش:
1 ) : ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ١ – الصفحة ٨٩
2 ) : ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢١٩٠
3 ) : ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ١ – الصفحة ٨٩