دينية

حقيقة الصوم ليس مجرد ظمأ

‏(حقيقة الصوم ليس مجرد ظمأ)
بسم الله الرحمن الرحيم
‏الحمد لله رب العالمين الذي جعل رضاه في عبادته ونعيمه في طاعته وجنته في تقواه ‏والصلاة والسلام على القائد الى الخير والمرشد الى الصلاح المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(حقيقة الصوم ليس مجرد ظمأ)
‏قال الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)(كم من صائم ليس له من صيامه الا الظمأ وكم من قائم ليس له من قيامه الا العناء)
‏الاحكام والتشريعات الدينية حين العمل بها ‏والإمتثال لها
ينبغي ان يسبق ذلك،الوقوف على معناها والادراك لمرامها والوصول الى مرادها
وهذا ينتهي لمن يريد العمل بها الى سلامة التطبيق وصحة التنفيذ
وفي المقابل يقي من الوقوع في الخطأ والولوج في الاشتباه
ومن المهم والجميل ان يقر الانسان بالشرع واحكامه ويسعى للالتزام والعمل بها
ولكن ماهو اجمل واهم ان يكون هذا العمل قائم ومستند على قاعدة محكمة الا وهي الاحاطة والمعرفة والاطلاع السليم على هذه التشريعات والاحكام ليكون لها الصحة على ارض الواقع وبالتالي الاطمئنان في قبولها
ففريضة الصيام وهي من الفرائض والواجبات المهمة التي عبرها يصل الانسان الى التقوى
وبها يحصل على رضا الله وقبوله وعليه ينبغي ان يتحرّ الانسان الصائم الدقة ويعمل بالحيطة والحذر في سبيله لتنفيذ هذه الفريضة
وان يقوم بها على الكيفية التي يبتغيها الله تعالى ويريدها وليس مجرد امتناع عن طعام وشراب وغيرهما من المفطرات
وان كان ذلك مطلوب وواجب من الناحية الشكلية والظاهرية اذ ان الفرائض لا تكون مقامه الا بوجهيها الظاهري الشكلي والباطني الجوهري وحتى ينال الانسان الصائم ثمرة صومه ونتيجة عمله ان يصوم سمعه وبصره كما يصوم بطنه وفرجه كما يقول الامام جعفر بن محمد الصادق(ع)(اذا اصبحت صائمًا فليصم سمعك وبصرك من الحرام)
وبهذا يكون الصوم صحيحًا وسليمًا ومقبولاً وقد انتفع به صاحبه
وغير ذلك ماعساه ان يصنع ويسفيد من هذا الصيام كما تقول سيدة النساء فاطمة الزهراء(ع)(مايصنع الصائم بصيامه اذا لم يصن لسانه وسمعه وبصره وجوارحه)
نعم من لم يقم بصيانة اللسان والسمع والبصر والجوارح لم يجني ويحصد الا الظمأ والتعب والعناء كما يقول امير المؤمنين علي(ع)(كم من صائم ليس له من صيامه الا الظمأ)
وهذا مالم يكن مرسومًا ولا مقدرًا من هذه الفريضة اذ ان فريضة الصيام انما جعلت وفرضت لتحقيق غاية عظمى الا وهي التقوى والتقوى لا تنال الا بالصيانة والحفظ للجوارح وكفها عن المعاصي اذ يقول الله تعالى في كتابه الكريم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة|١٨٣
نعم ان للصيام حقيقة وحقيقته تكمن فيما يحقق للانسان الصائم الصلاح والاعتصام عن المعاصي والآثام وليس مجرد جوع وظمأ وتعب وعناء اذ مع الجوع والظمأ ينبغي ان يكون معهما حفظ اللسان وكفه وكذلك السمع وبقية الجوارح
وانما جعل الصوم عن الطعام والشراب ليكونا حجابًا عن سواهما من الفواحش
حين سمع رسول الله (ص) امرأة تساب جارية لها وهي صائمة فدعا رسول الله (ص) بطعام لها فقال لها:كلي
فقالت:انا صائمة يارسول الله
فقال(ص) : كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك؟

ان الصوم ليس من الطعام والشراب وانما جعل الله ذلك حجابًا عن سواهما من الفواحش من الفعل والقول يفطر الصائم
ما اقل الصوّم واكثر الجوّع

نسأل الله المولى الكريم ان يوفقنا لما يحبه ويرضاه وان يجعل صيامنا صيام الصائمين وقيامنا قيام القائمين ويجعلنا من عباده المتقين
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ٤|٩|١٤٤٠ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

زر الذهاب إلى الأعلى