كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين آل خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي خلق فأحسن وبرئ فهدى ودبر فأحكم والصلاة والسلام على النبي المصطفى والرسول المختار محمد وآله الأخيار الأبرار الطيبين الطاهرين
(حسن الخلق عبادة)
قال الإمام أبو عبدالله الحسين ابن علي ابن أبي طالب(ع)(والخلق الحسن عبادة)
حسن الخَلق وحسن الخُلق كلاهما طريقان الى العبادة
ودربان الى الطاعة فمن يملك خلقا أي جسدا سليمًا معافًا يستطيع به القيام بالعبادة والطاعة بخلاف الجسد السقيم والعليل فإن صاحبه يكون محرومًا أو ناقصًا من العبادة
وهكذا الحال من يملك خلقا وسلوكًا حسنا يكون قد توفق للطاعة والعبادة وكان عند الله مرضيًا
ولكن من يكون فاقد الأخلاق الحسنة يكون فاقد العبادة وان تعبد واكثر من العبادة
إذ أن العبادة إنما تكون وتتجلى في روحها وجوهرها
والأخلاق هي روح وجوهر العبادات
وهكذا جاء الثناء والذكر الحسن لرسول الله(ص) من قبل الله تعالى بقوله (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ)القلم|٤
نعم العبادة والطاعة امر مهم وحسن ومطلوب ولكن ماهو اهم واحسن ان يخلص وينتهي الانسان العابد الى روح ومعنى العبادة وجوهرها
فالإكثار من العبادات والطاعات دون الوقوف على مقاصدها ومعانيها لا يجدي نفعًا ولا يحقق هدفًا وان تحقق فقليل
بل ربما تصبح هذه العبادات على صاحبها وبالًا وخسرانًا لأنها فاقدة لروحها ومعناها وبالتالي سيكون صاحبها مشحونًا بالعجب والغرور والاستعلاء والتكبر والذي به تكون نهاية وسقوط العبادة
كما حدث وجرى لإبليس اللعين حين أُمر بالسجدة لآدم فأبى واستكبر لأنه لا يملك التقوى ولا روح العبادة ولا معناها اذ ان هذه السجدة ماكانت الا لله تعالى ولأمره فهي عبادة لله تعالى وطاعة له وليس عبادة لآدم وانما أمر بالسجود لآدم انما هو اعظام واكرام لآدم وعبادة لله تعالى
والا ماكان لله تعالى ان يأمر بالعبادة لغيره وهو ينهى عنها جل وجهه الجليل
اذ ينبغي ان تكون العبادات والطاعات مقرونة ومصحوبة بالتقوى وحسن الخلق لتكون صالحة وخالصة ومقبولة ويكون صاحبها من الاشراف عند الله والمقربين
اذ ان بالعلم والعمل والتقوى يكون الشرف والمقام الرفيع
لا الى مايذهب اليه البعض كما ذهب اليه ابليس ظنًا منه وغرورًا بأن كثرة العلم والعبادة فيها الشرف وان كانت فاقدة ومعدومة التقوى وقد ذكر رد هذا التقدير وهذا الخطأ بقول حكيم :
لو كان للعلم دون التقى شرفٌ
لكان اشرف خلق الله ابليس
–
نعم العلم والعمل والطاعة شرف وتؤدي بصاحبها الى المراتب الرفيعة والمقامات العالية حين تكون محفوفة بالتقوى وحسن الخلق
وهذا ما عناه وقصده هذا الشاعر بقول :
العلم يرفع بيوتًا لا عماد لها
والجهل يهدم بيت العز والشرف
–
العلم الذي يرفع ويعلو بصاحبه حين يكون قد تولد منه الخير والتواضع وحسن المعاملة والا اذا ما تعالى وترفع واعجب واغتر فحاله كحال الجاهل الذي لا عز له ولا شرف بل وضعه يكون اسوء حالًا واشد وضعًا
لأن العالم والعارف اذا لم يقف على روح ومعنى علمه ومعرفته ولم يتوقى التصرفات السيئة والمسالك الواطئة يكون قد اوقع نفسه في الهلكة والسقوط كما يقول امير المؤمنين علي(ع)(كم من عالم قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه)
وحين نحرص ونهتم بالعبادة والطاعة ينبغي ان نقوم بما يثبت العبادة ويقومها وهو كذلك عبادة
الا وهو حسن الخلق كما يقول الامام الحسين(ع)(والخلق الحسن عبادة)
–
نسأل الله تعالى أن يوفقنا للعلم والعمل الصالح وأن نكون ممن حسنت اخلاقهم وصلحت سرائرهم وزكت ضمائرهم وطهرت قلوبهم وسلمت نفوسهم وشرفت مقاماتهم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الطهر الطاهر والنبي الزاهر محمد وآله الأبرار الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة ٦|٨|١٤٤٠ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس