الشيخ اليوسف: من مصاديق إلقاء النفس في التهلكة الانشغال بالجوال أثناء قيادة السيارة
حذر سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبة الجمعة 9 جمادى الآخرة 1440هـ الموافق 15 فبراير 2019م من مخاطر الإدمان على وسائل التواصل الإلكتروني كالتقصير في أداء الواجبات والمسؤوليات الدينية، وغياب الاستقرار العائلي أو الوظيفي، وانخفاض المستوى العلمي عند الطلاب، وضعف التركيز والحفظ والانتباه، وتبلد المشاعر والأحاسيس الإنسانية، وضعف القدرة على التواصل المباشر مع الناس، وعدم الاهتمام بصلة الأرحام والأقارب وغيرها من مخاطر ومساوئ الإدمان الإلكتروني.
وأضاف: إن التواصل مع الناس أمر مطلوب ومرغوب فيه، وراجح في نفسه عقلاً وشرعاً، فالإنسان اجتماعي بطبعه، ويميل إلى بني جنسه، ويأنس بالتواصل والاجتماع معهم؛ إلا أن إدمان بعض الشباب (ذكوراً أو إناثا) على وسائل التواصل الاجتماعي، ومكثهم لساعات طويلة على هذه الوسائل من الأمور المقلقة للغاية، والمضرة نفسياً وعقلياً وعلمياً.
ورأى أن في الإدمان الإلكتروني تبديداً للوقت واهداراً للعمر، وهو من أسوا أنواع الهدر، لأن هدر العمر فيما لا ينفع في دنيا أو آخرة لا يمكن أن يعوض بينما المال يمكن تعويضه ولو بعد حين.
وقال: حذرت النصوص الدينية من إهدار الوقت فيما لا ينفع، وأن الإنسان محاسب عن أوقاته يوم القيامة، فقد روي عن الإمام عليّ  أنه قال: «احذَروا ضَياعَ الأعمارِ فيما لا يَبقى لَكُم، فَفائتُها لا يَعودُ »، وعنه  قال: «إنَّ أوقاتَكَ أجزاءُ عُمرِكَ، فَلا تُنفِدْ لَكَ وَقتاً إلّافيما يُنجيكَ ».
واعتبر أن من أجلى مصاديق ضياع الأعمار في هذا الزمان هو الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي، وتضييع العمر فيما لا ينفع ولا يفيد في الدنيا أوالآخرة.
وأشار إلى أن من مخاطر الإدمان الإلكتروني ما يؤدي اليه من التقصير في أداء الواجبات وتحمل المسؤوليات تجاه زوجه وأولاده ووظيفته ومجتمعه، وهو أمر ينهى عند الشرع والعقل. وتابع: يؤدي الإدمان على وسائل التواصل الإلكتروني أيضاً إلى التقصير تجاه المسائل العبادية كالصلاة وتلاوة القرآن والدعاء والذكر، ويحذر الإمام علي  من تضييع العمر في غير العبادة والأعمال الصالحة بقوله: «احفَظْ عُمرَكَ مِنَ التَّضييعِ لَهُ في غَيرِ العِبادَةِ والطّاعاتِ».
وقال: أدّى الإدمان على وسائل الاتصال الاجتماعي إلى الخلل في الحياة العامة للإنسان، واضطراب نظام حياته حتى في الأكل والشرب والنوم والوقت، كما قد يؤدي الى غياب الاستقرار العائلي أو الوظيفي.
وانتقد سماحة الشيخ اليوسف استخدام لغة هابطة في وسائل الاتصال الإلكتروني، حيث تستخدم عند قسم من الجيل الجديد لغة خادشة للحياء باستخدام ألفاظ وكلمات بذيئة وقبيحة، ولا تتناسب مع الذوق العام للمجتمع.
وطالب الشباب والفتيات أن يعودوا أنفسهم على استخدام الألفاظ الجميلة، إذ تتميز لغتنا العربية بكلمات الأدب والذوق والجمال.
واعتبر أن من أسوا ما يمكن تصوره من مخاطر الإدمان على وسائل الاتصال الاجتماعي هو أن يقود الإنسان سيارته وهو يشاهد وسائل الاتصال الاجتماعي أو يقرأ أو يكتب فيها غير مبالٍ بمخاطر ذلك على نفسه والآخرين.
وتابع: كم من حادث وقع بسبب ذلك؟ وكم من شخص فارق الحياة بسبب الإدمان على تلك المواقع؟ وكم من شخص تسبب في موت آخرين وسلبهم الحياة بسبب لحظة غفلة ناتجة عن الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي؟!
وشدد أنه ينبغي على الإنسان أن يجتنب كل ما يمكن أن يؤدي إلى انهاء حياته أو حياة الاخرين، فلا يصح للإنسان أن يلقي بنفسه في التهلكة بسبب أمر تافه، يقول تعالى: ﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾.
واعتبر أن الانشغال بالهاتف المحمول (الجوال) أثناء قيادة السيارة بدل الانتباه للطريق من مصاديق إلقاء النفس في التهلكة.
ودعا الشباب أن يتعاملوا مع وسائل التواصل الاجتماعي بشيء من التنظيم والعقلانية، فيمكن الاستفادة من هذه الوسائل في أوقات الفراغ، أو تحديد أوقات معينة للاستفادة منها، كما يمكن تعزيز التواصل مع الآخرين، واكتساب الأصدقاء من خلالها.
وأكد على ضرورة تحويل هذه الوسائل الحديثة إلى وسائل لنشر قيم الإسلام وأخلاقه إلى شعوب العالم، وتعريف الأمم الأخرى بالإسلام وحضارته وقيمه وآدابه، فالشباب بما يملكون من طاقات ومواهب وإمكانيات بإمكانهم فعل الكثير من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يمكن تطويعها في خدمة الدين والمجتمع، ونشر القيم والفضيلة والعلم والأخلاق.