دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين آل خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي منه السلام واليه يعود السلام وهو السلام وما بعد سلامه سلام والصلاة والسلام على رسول السلام محمد وآله الطيبين الطاهرين
(السلام روح الحياة)
قال الرسول الاعظم محمد (ص) (انا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم)
الحياة بلا سلام كجسد بلا روح والروح بلا جسد كالحياة بلا سلام ولا قيمة للحياة حين تكون فاقدة للسلام ولذلك فإن السلام يعطي للحياة طعمها ومذاقها واهميتها وقيمتها
ومن هنا فإن الاصل في الوجود هو السلام كما هو الحال في الاشياء والافعال حملها على السلامة والصحة اي حمل اقوال وافعال ونيات الآخرين على الصحة والسلامة وان يكون صاحب القول والفعل والنية في حال وموضع من الصدق والامانة ليكون محل اطمئنان وثقة الآخرين وبذلك تنعم النفوس بالاطمئنان والسلام وتعمر الحياة بالهدوء والاستقرار
فالسلام بما له من مقدار ومعنى مبسط في النفوس الا انه له معنى ابعد واوسع واعمق مما هو عليه من البساطة ولذلك عد من اسماء الله تعالى في كتابه الكريم حين قال (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) الحشر|٢٣
نعم بالسلام يمكن ان يتهيأ المجال وتتاح الفرصة لئن يأخذ التوحيد والاسلام مجاله وتوسعه واستقراره فكم من رسالات توحيدية اخذت انتشارها واتساع رقعتها بما واكبها من سلام وتحرر وكذلك كم من رسالات في المقابل لم تحظى بالانتشار والتوسع لما وقع عليها من خناق وحصار ولم تجد من السلام مايكفيها ويأخذ بها نحو الامتداد والتوسع
ولهذا فإن انبياء الله ورسله دابوا وسعوا وبكل مالديهم من جد وجهد واجتهاد من تهيئة الارضية المناسبة والقاعدة الملائمة والمتمثلة في السلام والاستقرار الذي يأخذ بالرسالة نحو الامتداد والانتشار اما حين تتعرض للمضايقة والمحاصرة والحرب فإنها تفقد امتدادها ونفوذها او حتى يقضى عليها في مهدها
وهذا كاد ان يقع ويجري للرسالة الاسلامية التي جاء بها رسول الله محمد(ص)
حيث انها تعرضت لانواع المحاصرة والمضايقة والخناق والمحاربة
لولا دفع الله وحفظه وحكمة الرسول وحزمه لكانت الرسالة في عداد الفناء والخفاء الا ان الرسول الاكرم محمد(ص) وبعزمه الوقاد ينقذ هذه الرسالة وذلك عبر هجرته المباركة لما كان متوفرًا من اجواء ومناخ يسوده السلام والقبول بالرسالة
فكان بذلك السلامة والحفظ لها بل والانتشار والامتداد واتساع رقعتها ومساحتها
فالرسول (ص) لم يكن يعتمد في حفظ الرسالة وسلامتها على الجانب السلمي وحسب وان كان هو الاسلوب والطريق الفعال والمؤثر وبه نال الرسول (ص) وسام هو من اعلى الاوسمة الا وهو رسول السلام والرحمة
الا انه حين تتعرض الرسالة مرة اخرى للحصار والخناق والحرب والعدوان فكان الحال رد وردع العدوان ومواجهته وهذا لا يتعارض او يتضارب والمنهجية السلمية
اذ ان الغاية من السلم والمسالمة ابعاد شبع الحرب والفتنة والحال كذلك من الحرب دفع الحرب والذهاب نحو السلام واعادة الوضع الى مجراه وهكذا هو رسول الله (ص) في دعوته ورسالته يحكم بادي ذي بدأ في انطلاقته الطريق السلمي والشفاف ومعرضًا ومتجنبًا الطرق والاساليب الاكراهية والشديدة والعنيفة والغليظة متمثلاً بقوله الحكيم (ماوضع اللين على شيء الا زانه وما وضع الخرق على شيء الا شانه)
ولكنه حين يرى الاسلام في خطر فإنه يقف موقف المحارب الاول والمواجه الصلب وهذا الموقف به يحفظ ويصان الموقف الاول الا وهو السلم والامن وعلى هذا المنوال والنهج اهل بيت الرسالة آل محمد ومن هم تحت مظلتهم وقيادتهم فهم سلم لمن يسالمه الرسول وحرب لمن يحاربه الرسول والرسول هو حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وقد سبّق بهذا القول ومن قبل ان يؤول الامر لهم من بعده وهذا يعني ان الرسول (ع) هو مع اهل بيته في حياته وبعد مماته كما هو كذلك سواء في الحرب او السلم وقد قالها وقبل رحيله من الحياة (انا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم)
هكذا هو حرب وسلم رسول الله(ص) هو حرب وسلم اهل بيته (ع)
كما هو حربه وسلمه حرب وسلم الله تعالى
فمن يحارب اهل بيت الرسالة او يسالمهم انما يحارب او يسالم رسول الله(ص) ومن يحارب او يسالم رسول الله انما يحارب او يسالم الله تعالى

نسأل الله السلام المؤمن ان يجعلنا من اهل ولايته والمسالمين لأهل بيت النبوة والمحاربين لاعدائهم
إنه ولي العصمة والهادي الى الرشاد
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ١٨|٥|١٤٤٠ هـ

زر الذهاب إلى الأعلى