دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين آل خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي بقدرته خلق الخلائق وهو لهم رازق وهداه لهم سائق والصلاة والسلام على قدوة الانام ورسول السلام سيد الرسل وخير الخلق محمد وآله الطيبين الطاهرين
(ما للعب خلقنا)
قال الامام ابو محمد الحسن بن علي العسكري (ع)(ما للعب خلقنا وانما للعلم والعبادة)
هي الحياة والغاية التي لأجلها وجدت الا وهي الآخرة وبالتالي فهي دار ممر وليست دار مقر وما الآخرة الا ثمرة الدنيا وبنتها كما ذكر ان الآخرة بنت الدنيا ومن اراد الفوز بالآخرة والظفر بها فليأخذ من دار ممره الى دار مقره ويحصل زاد آخرته من دار دنياه كما يقول ربنا تعالى في كتابه الكريم (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) البقرة|١٩٧
نعم اصحاب العقول والالباب والافهام هم الذين يتزودوا لما انتهى اليهم من ان الخلاص والنجاة لا يكون الا بأخذ الحيطة والحذر وهذا يعود الى ماوقفوا عليه من علم ودراية وعمل وعبادة وجد واجتهاد وحضور واستحضار ويقظة وانتباه
انه مسلك اهل العلم والمعرفة واصحاب الحكمة واليقين ورواد الصدق والصلاح وهذا ماكان عليه اهل بيت الطهارة والعصمة والعلم والعبادة رسول الله واهل بيته (ص)
الذين اتخذوا من الحياة ساحة للعلم والتعليم والعمل والعبادة والجد والاجتهاد والدفاع والجهاد في سبيل الله تعالى لاعلاء دينه
وابتعادهم كل الابتعاد عما يشغلهم ويبعدهم عن العلم والعبادة كما قالها الامام ابو محمد الحسن بن علي العسكري (ع) حين التقى به البهلول وكان الامام حين ذاك صبيًا صغيرًا ومع مجموعة من الصبية والصبيان يلعبون وهو يبكي فظن البهلول ان الامام وهو في حداثة سنه وصغر عمره انه يتحسر على ما في ايديهم
فقال له: اشتري لك ماتلعب به؟
فقال الامام العسكري(ع):ياقليل العقل ما للعب خلقنا
فقال له: فلماذا خلقنا؟
فقال عليه السلام: للعلم والعبادة
فقال له البهلول: من اين لك ذلك ؟
فقال الامام (ع) : من قول الله تعالى (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)المؤمنون|١١٥
ثم ان البهلول سأله ان يعظه فوعظه بأبيات
ثم خر الامام مغشيًا عليه فلما افاق قال له:
مانزل بك وانت صغير ولا ذنب لك؟
فقال الامام (ع)؛ إليك عني يابهلول
(إني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار فلا تتقد الا بالصغار واني اخشى ان اكون من صغار حطب جهنم)
نعم للعلم والعبادة خلقنا لا للعب والعبث وهذا هو مسلك اهل العقل واما من فقدوا العقل وضيعوا الحكمة فإنهم يذهبون الى اللهو واللعب والعبث وممارسة الامور الخاطئة والتي فيها مافيها من مضايقة الآخرين وازعاجهم وسلبهم هدوئهم وراحتهم
فمن يذهب الى مثل هذه التصرفات والحركات والافعال اما ان يكون فاقد للعقل او انه قليل العقل
لان العاقل لا يصدر منه الا ما هو صحيح وسليم ومرضي والعاقل على الدوام يحرص بأن يأتي بالامور التي خلقه الله تعالى لأجلها الا وهي العلم والعبادة اذ حين يتوجه الى هذا الهدف والى هذا المطلب فإنه سوف يشتغل به عمن سواه
واما حين ترى اشخاص انهمكوا واولعوا سادرين غافلين في اللعب واللهو والبطالة والرعونة وما اشبه من تصرفات وحركات فاقدة للاتزان والفطنة
انما ذلك يعود الى انحراف البوصلة عن اتجاهها السليم ووجهتها الصحيحة اي بابتعاد مثل هؤلاء الاشخاص عن ساحة العلم والمعرفة ينتهي بهم الامر الى تلك الاوضاع والاحوال الخاطئة والسيئة ولعل الامر ينتهي بهم الى عواقب مؤلمة وخاسرة وندامة وضياع والانسان عادة مايكره وينفر من الخسارة والامور المكروهة
ويسعى قدر الامكان تلافيها وعدم الوقوع فيها والطريق الامثل لذلك هو ان يشق الانسان درب العلم والمعرفة والحكمة والسكينة والتوجه الى طاعة الله تعالى وعبادته التي خلق لأجلها
ليحضى برضا الله تعالى ورضوانه وينال التوفيق والسعادة
وينجو من السقوط والخيبة وبهذا يمكن ان نصنع امة متقدمة وزاهرة وقوية وظافرة وسيدة وسائدة ويقظة وناهضة

نسأل الله المولى الكريم ان يوفقنا للعلم والعمل الصالح والسير على مسلك الخير والصلاح
إنه ولي التوفيق وبه نستعين وعليه نتوكل وننيب
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ٢٠|٤|١٤٤٠ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

زر الذهاب إلى الأعلى