دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين آل خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين السميع العليم العزيز الحكيم والصلاة والسلام على النبي المرسل والمبعوث المكمل والداعي المكلل المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(للعلم زكاة)
قال الامام ابو عبد الله جعفر بن محمد الصادق(ع)(إن لكل شيء زكاة وزكاة العلم ان يعلمه اهله)
كل الاشياء فيها زكاة وبزكاتها صونها وسلامتها ونمائها واتساعها وحفظها وبركتها
وعلى رأس هذه الاشياء النفس التي هي اعز واغلى مالدى الانسان فإذا مازكاها وطهرها ونظفها ونقاها يحرز ويحوز على نفس مفلحة وفائزة والعكس تمامًا حين يلوثها ويدسها في الآثام والاوحال يحصل على نفس خائبة وشقية كما يقول الله تعالى في كتابه العزيز (قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها) الشمس| ٩-١٠
وفلاح النفس بزكاتها وطهارتها وتطهيرها من الاثام والمعاصي وذلك عبر العلم والمعرفة والاحاطة بالأمور التي بها يتحقق التطهير والتزكية واما من يعيش الجهل والعمى والغفلة فلا يسعه ولا يمكنه صيانة وزكاة نفسه بل يأخذ بها الى منحدر سحيق وعلى هذا يقتضي من الانسان ان يسعى وبكل جد واجتهاد من حفظ هذه الامانة وتوفير ما يسعدها ويريحها وذلك من خلال تزكيتها وتطهيرها وحملها على الفضائل والخير لتنتهي الى خير وفلاح
ولا يهملها ولا يتركها تتوغل في الشر والرذائل والغي والفساد فتنتهي الى الخيبة والشقاء
وهكذا يجري الامر في بقية الاشياء من مال وقوة وبدن وعلم وغيرهم فإن لكل شيء من هذه الاشياء زكاة وطهارة وبها تتحقق وتكون سلامتها وحفظها
اذ ان المال ينمو ويكثر ويتسع حين يطهر ويزكى لقول صادق اهل البيت جعفر بن محمد(ع)(اذا اردت ان يثري الله مالك فزكه)
وبما ان الزكاة تحقيق فرض وامر وحكم من احكام الله تعالى فهي تنمية وازدهار وتقوية للاقتصاد وبها تسد حاجات اهل الفاقة والمسكنة وكذلك هي دعامة بها تقوية جوانب الدين والمجتمع وهي كذلك لها ظلالها الوارف ومردودها الغامر على صاحبها وفاعلها
وادنى مايعود على فاعلها سلامته وسلامة مالديه ومايملكه كما يقول الامام الصادق(ع)(ماضاع مال في بر ولا بحر الا بتضييع الزكاة فحصنوا اموالكم بالزكاة)
وكذلك هي نعمة العلم وهي من كبار النعم واعظمها وبها تتعلق الزكاة وتكمن هذه الزكاة في نشر العلم وتعليمه لمستحقه وهو احياء للنفوس والقلوب كما ان زكاة الاموال احياء وانعاش للابدان والاجساد
والعلم بزكاته يزيد وينمو ويكثر كما يقول الامام امير المؤمنين علي (ع)(ياكميل:المال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الانفاق)
وبذل العلم وتعليمه يكون سبب وطريق لعلم لم يتعلمه اذ يقول الامام الحسن بن علي بن ابي طالب (ع)(علم الناس علمك وتعلم علم غيرك فتكون قد اتقنت علمك وعلمت مالم تعلم)
نعم تعلم العلم وتحصيله امر مهم جدًا وطالبه طالب الحسنات والقربات ففي هذا يقول الرسول محمد(ص)(تعلموا العلم فإن تعلمه حسنة ومدارسته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه من لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة)
واهم من العلم وتحصيله ونشره الوقوف على روح العلم ومعناه والعمل على وفق امره ومقتضاه فبالعلم يزكي أولاً نفسه ويطهرها ثم يسعى لتزكية علمه وتنميته وذلك عبر نشر العلم وبثه وتعليمه لمستحقه كما هو حال من يزكي ماله ليصل لطالبه ومستحقه وهذا مايقوله رائد النهضة العلمية الامام جعفر بن محمد الصادق(ع)(إن لكل شي زكاة وزكاة العلم ان يعلمه اهله)
وهذا ماقدمه واقدم عليه الامام الصادق(ع) حين وجد طوائف وطوائف من طلاب العلم والمعرفة اطلق العنان لبوابة مدينة علمه بالانطلاق وملىء الدنيا علمًا ومعرفة فصارت هذه الامة بسبب هذا العطاء والبذل تواكب الامم وتسابقها بل وتتقدم عليها وتتفوق اذ لا يوجد علم من العلوم الا والإمام الصادق (ع)له الأثر والسبق وذلك عبر تلامذته وحملة علمه كجابر بن حيان وغيره من حملة العلم والمعرفة واهل الابداع والتطور ومن هنا حري بهذه الأمة ان تعود الى تاريخها المجيد وعزها التليد وماضيها المضيء لتحقق بذلك انبعاثة هادرة وانطلاقة واعدة وارادة صارمة

نسأل الله القوي العزيز ان يجعلنا من اهل العلم والمعرفة والتزكية والتنمية والسير قدمًا والنهوض عاليًا والانطلاق شموخًا لصناعة واقع ملؤه التقدم والصلاح والازدهار والارتقاء
إنه ربنا على كل شيء قدير
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ٢٢|٣|١٤٤٠ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

زر الذهاب إلى الأعلى