كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين آل خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الهادي لبريته والعادل في قضيته والراشد الى عطيته والصلاة والسلام على صاحب الخلق العظيم والمقام الكريم والاصل الرحيم المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(علامة الظالم اربعة)
قال الرسول الاعظم محمد (ص)(واما علامة الظالم فأربعة:
يظلم من فوقه بالمعصية ويملك من دونه بالغلبة ويبغض الحق ويظهر الظلم)
الظلم يقابله العدل والعدل يتمثل في اعطاء كل ذي حق حقه وان توضع الامور مواضعها السليمة والصحيحة وبهذا يكون الاستقرار والاطمئنان والسلامة والأمان
وعلى هذا اقام الله تعالى السموات والارض اي اقامها على العدل والتوازن لا نقيصة فيها ولا زيادة ولذلك فهي على تمام الثبات والاستقرار
وغير هذا يعني الظلم والاخلال وبالتالي العطب والاضطراب والخراب والفساد
وحاشا ساحة القداسة عن ذلك وعظمت وجلت من ان يجري ولو شيء بسيط في التدبير والتحريك خلاف العدل والاحسان
اذ انه تعالى الآمر بالعدل والاحسان (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ)النحل|٩٠
فهو تعالى ذو العدل والاحسان وبه أمر وحكم وقضى وندب ومن يتجه وينصرف الى غير ذلك اي الى الظلم والاساءة انما يرتطم بجبال الجهل ويقع في منحدر الهلاك ويسقط في مضيق الاضطراب
والمخلوق ينبغي ان يتمثل لما عليه خالقه وصانعه ليكون له منه ماهو فيه من العدل والاحسان والقوة والعزة وتحقيق ماهو بحاجة الى قدرة واستطاعة لقوله تعالى في حديثه القدسي (عبدي اطعني تكن مثلي انا اقول للشيء كن فيكون وانت تقول للشيء كن فيكون)
وهذا بلطف الله تعالى واذنه وماهو عليه العبد من طاعة وصدق وصلاح وقرب من الله تعالى فالعبد الصالح والطائع لربه هو من يطيع سفير الله ورسوله وخليفة الرسول ووصيه اي يكون عادلاً بطاعته لمن هو فوقه كالرسول ووصي الرسول ومن هو ممثل للوصي والرسول وبالتالي ينتهي الى طاعة الله وعبادته ويترك ويتجنب الاستعلاء والتحكم والتملك لرقاب الآخرين بالغلبة والقوة والقهر والالجاء والتعسف والارغام والاكراه
ويسكن في قلبه حب الحق والعدل والسعي في اعلائه ونشره ويخفي الظلم ويبيده ويقضي عليه ويزوله
هذا ماهو عليه الانسان العبد الصالح والعادل والمحسن اما ماهو عليه وفيه العبد الظالم والجائر فهو الذي يتمثل بصفات وسلوكيات مغايرة ومناهضة لما عليه الانسان العادل والمحسن وتظهر سمات هذا المخلوق وصفاته عبر مايحدثه من تصرف وسلوك وفعل وعمل وهي كما يقول الرسول محمد(ص)(واما علامة الظالم فأربعة:
يظلم من فوقه بالمعصية ويملك من دونه بالغلبة ويبغض الحق ويظهر الظلم)
نعم لكل صنف من البشر آية وعلامة ولواء وراية بها يعرف ويميز كما العادل والصادق والصالح له علامة وآية بها يكشف عن حقيقته وسلامة دعوته وصفته
كذلك الظالم والجائر والكاذب والفاسد له ماله من العلامات والصفات التي بها يهتدى ويقف على حقيقة معدنه وذاته
فالرسول محمد(ص) يوضح ويحدد معالم وعلائم الظالم في اربعة ملامح ومسالك
اولى هذه العلائم:التمرد والعصيان والخروج عن الطاعة لامام الحق من نبي او وصي او ولي يمثل الله ورسوله فالخروج عليه ومعصيته يعد خروج على الله ورسوله وهذا يعد ظلم وجور
كما الطاعة له طاعة لله ورسوله وبالتالي هو عدل وقسط وبر واحسان ومن هنا ينبغي التنبه والالتفات الى قضية الطاعة الحقة لمن هو فوق اي الحاكم العادل والصالح والا فالاسلام يرفض هذه الطاعة اذا كان هذا الوالي جائرًا وظالمًا والذين ازاحوا وابعدوا وخرجوا عن طاعة امير الحق والعدل والذي كان مع الحق والحق معه امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) قد ظلموه وابخسوه حقه وهذا بمقدار مايكون اساءة له هو اساءة لله ورسوله والنتيجة عائدة عليهم بالخيبة والخسران والعاقبة المرة وهذا ما يقوله المولى تعالى (وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)البقرة|٥٧
والعلامة الثانية للظالم: قهر الآخرين والتولي عليهم بالغلبة وهذا ماقاله رسول الله(ص) (ويملك من دونه بالغلبة)
اي يحكم من دونه بالجبر والقهر ويأخذ عليه البيعة مرغومًا وهذا ماجرى ويجري على ايدي وسلوك من ظلم من فوقه بالمعصية والمخالفة والنكث والنقض والنتيجة هذه المصائب والمعاضل والشدائد والنكبات والفرقة والاختلاف
والعلامة الثالثة للظالم: تكمن في بغضه للحق وكراهيته له وعدم الاذعان لارادته والحق الذي يكون في قباله الباطل يكون ممثلاً في الذي التزموا به ورافقوه وصاحبوه
وعلى رأس هؤلاء امير المؤمنين علي بن ابي طالب بعد رسول الله(ص)
وقد قال رسول الله (ص)(علي مع الحق والحق مع علي)
ومن هنا نقول لمن يرغب في الحق ويحبه فطريقه امير الحق علي بن ابي طالب(ع)
فحبه حب للحق وبغضه بغض للحق فالذين احبوا عليًا حبوا الحق والقرآن والذين ابغضوا وابعدوا وعصوا وحاربوا عليًا انما للحق ابغضوا وحاربوا وقد قال رسول الله (ص) لعلي(ياعلي لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا كافر)
والعلامة الرابعة للظالم:
العمل بالظلم والسعي في اظهاره وهذا يعني اخفاء العدل وابعاده وهذا هو مسلك ومنهج اهل الجور والظلم الذين اترعت نفوسهم بالزيغ والانحراف وملئت قلوبهم بالغل والظغينة
اما رجالات الله فهم على مستوى متقدم من الصلاح والطاعة والالتزام والسير السليم وذلك عبر الطاعة لله ورسوله وولاة الحق من بعد رسول الله (ص)
والكف عن ظلم الآخرين والاعراض عن الاستيلاء عليهم وان كان حاكمًا لان الحاكم انما يحكم الآخرين بقبولهم ورضاهم وليس بالغلبة والقهر
وكذلك مايقومون به من حب وولاء للحق والالتزام به والتمسك بأميره وحافظه الامام علي بن ابي طالب(ع) وصولاً واتصالاً بإظهار الحق ونشره والدعوة اليه ومنابذة الباطل والظلم ومناجزته واخفائه واطفائه
–
نسأل الله المولى العدل ان يوفقنا ان نكون من رجالات العدل والحق ويكفينا ويحفظنا من الظلم والجور واهله
إنه ولي التوفيق والهادي الى السبيل
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة ١٥|٣|١٤٤٠ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس