رسالة الأربعين
رضي منصور العسيف
كيف نقرأ رسالة الأربعين؟
أحاديث كثيرة تحثنا على زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) وترغبنا فيه وتخبرنا عن الأجر والثواب العظيم الذي ينتظر من يزور الإمام الحسين (عليه السلام) منها:
عن أبي عبدالله عليه السلام «قال : من أتى قبر الحسين عليه السلام عارفاً بحقّه كتبه الله في علّيّين»(1) .
«عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا (سلام الله علیه): مَا لِمَنْ زَارَ قَبْرَ أَحَدٍ مِنَ الأئِمَّةِ (سلام الله علیهم) ؟
قَالَ: لَهُ مِثْلُ مَنْ أَتَى قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (سلام الله علیه).
قَالَ: قُلْتُ: وَمَا لِمَنْ زَارَ قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (سلام الله علیه)؟
قَالَ (سلام الله علیه): الْجَنَّةُ وَاللَّهِ»
ألا يكفي هذا الثواب ( الجنة)
وقفت متأملا ما تنقله القنوات الفضائية وكلي حسرة وألم ولهفة للزيارة وقلت هنيئاً لمن وفقه الله لزيارة الحسين (عليه السلام)… وتخيلت نفسي تمشي مع المشاية وتقرأ الزيارة وتصلي في حرم الإمام الحسين عليه السلام وتمشي بين الجموع في شوارع كربلاء وكأني أنظر لتلك الحشود المليونية… وحلقت روحي في فضاء كربلاء… وجرى القلم بهذه الكلمات:
1 / زيارة الأربعين ليست زيارة عابرة وليست كلمات يقرأها الزائر أو مجالس و مواكب عزاء بل هي انعطافه وملحمة تغيير في روح المجتمعات …
زيارة الأربعين …هي وقفة الشموخ والإباء، وهي وقفة خلود العظماء، وهي رسالة المحبين والعاشقين، وهي تجديد عهد مع سيد الشهداء…
2/ توحيد الصف : هذه الحشود وهذه الملايين تعلمنا كيفية توحيد الصف وتنظيمه والتدافع نحو الهدف السامي(الحسين يوحدنا) ووحدة المبدأ وتعزيز الانتماء العقائدي مع مذهب أهل البيت (عليهم السلام)
هي مناسبة الولاء الصادق الذي يتجلى في صور شتى لكنها تتحد في صورة واحدة وهي ( كلنا فداء للحسين ) لقيمه ونهجه ومبادئه ونقرا في الزيارة " اَللّهُمَّ اِنّى اُشْهِدُكَ اَنّى وَلِىٌّ لِمَنْ والاهُ، وَعَدُوٌّ لِمَنْ عاداهُ".
3/ استثمار الطاقات: في هذه المناسبة تتفجر الطاقات ويتسابق المحبون للتعبير عن حبهم وقدرتهم على العطاء حبا وولاء للحسين عليه السلام .
فكل موالي يسخر كل طاقاته و يسعى جاهدا لأن تكون له مساهمة في هذه المناسبة.
4/ رسالة الأربعين تهدف إلى إعادة بناء الذات وتطهيرها من المخلفات والأفكار السوداوية السلبية هي مناسبة إعادة الروح والطاقة الإيجابية للإنسان، فمن الحسين يتعلم الإنسان معاني العزيمة و الإصرار والتحدي وتحمل المسؤولية، كما جاء في الزيارة " وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فيكَ، لِيَسْتَنْقِذَ عِبادَكَ مِنَ الْجَهالَةِ وَحَيْرَةِ الضَّلالَةِ" وكل دروس بناء الذات.
الزائر … ولادة جديدة
وكل من يزور الحسين ويتلفظ بكلمات الزيارة فإنه يعيش لحظات روحانية تشحنه بالنورانية وتضيء قلبه بنور الإيمان ليصبح قلباً سليماً مطمئناً.
وعندما يعود الزائر من الزيارة و من رحلة العشق الحسيني فأنه يعود بشخصية جديدة وكما جاء في الرواية : " من زاره يريد به وجه الله أخرجه الله من ذنوبه كمولود ولدته أمه " (3).
يعود بشخصية تحمل بين فكرها آفاق وتطلعات أممية وعليه أن يسارع لأن يوظف هذه الآفاق فيما يعود على مجتمعه بالخير والرفاه.
ختاماً : إن من يوفق لزيارة الحسين عليه السلام فهذا يعني أن الله اصطفاه و وفقه للعيش في جنة الله في أرضه والتنعم بنعيمها. (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) فصلت:35.
الهوامش:
1 ) كامل الزيارات.
2 ) مستدرك الوسائل/ ج10/ باب 2 تأكد استحباب زيارة النبي واﻷئمة خصوصاً بعد الحج/ ص183/ح5.
3 ) كامل الزيارات/ الباب 62 إن زيارة الحسين (سلام الله علیه) تحط الذنوب/ ص154/ ح8.