دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين آل خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي للظالمين منتقمًا وللمظلومين ناصرًا والصلاة والسلام على الرسول المؤيد والنبي المسدد والمحمود الاحمد ابي القاسم محمد وآله الميامين الطيبين الطاهرين
(مارأيت الا جميلاً)
قالت السيدة الطاهرة زينب بنت علي الفاخرة (ع)(مارأيت الا جميلاً،هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فأنظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك امك يابن مرجانة)
باعث هذا الكلام وداعيه من قبل سيدة المخدرات وعقيلة الهاشميات زينب(ع) وفي مجلس ابن مرجانة عبيد الشيطان بن زياد
حين قابل السيدة زينب بكلام فيه مافيه من الاستهانة والاذلال والشماتة بقوله:كيف رأيت صنع الله بأخيك واهل بيته؟
فكان الجواب :مارأيت الا جميلاً.
وهي تعني ماتقول وتقصد ماتعنيه اي ان القتل من اجل الحق والمبدأ والدين والعقيدة امر جميل وفعل حسن بخلاف من يقتل نفسه في سبيل مطامع الحياة ومآرب الدنيا ومطامح الذات فنهاية هذا الصنف تكون نهاية سيئة وفاقدة لكل معنى من معاني الجمال والحسن فأصحاب العقول السليمة والافهام العالية والالباب الراقية
لا يقدمون في حياتهم الا على الامور الجميلة والافعال العالية وإن كان ذلك في بذل الارواح وتقديم المهج
اما قاصرو الفهم والادراك لايرون الجمال الا في ملذات الحياة وشهواتها ومظاهرها ومافيها من حطام
وفي المقابل لهم نظر في سلوك ذلك الطرف الآخر الذي شق طريق الصلاح والاصلاح وانطلق دفاعًا عن الدين والعقيدة وان انتهى به الامر الى القتل حينها يقدر هذا الفريق تقديره ورأيه بأن من قتل من اجل دينه قد اوقع نفسه في حال ووضع غير جميل
كما هو نظر وتقدير هذا الارهابي والمجرم بن زياد وامثاله اذ انه يرى انه قد وصل الى ماهو جميل وحسن وطيب وان الذين قتلهم وعلى رأسهم سيد شباب اهل الجنة الامام الحسين(ع) قد انتهوا الى ماهو سيء من الامر والمصير
وهذا ماكان يعنيه ويقصده من كلامه للسيدة زينب: كيف رأيت صنع الله بأخيك واهل بيته؟
فكان الجواب وبكل هدوء واطمئنان :مارأيت الا جميلاً.
نعم كان الخطب جليل والمصاب عظيم وبمقدار هذا الامر الذي من اجله قدمت هذه الارواح فمصابها وخطبها كذلك جليل وعظيم
وبمقدار جمال وعظمة هذه الرسالة كان ماحدث وجرى لاجلها وحفظها من قتل وسبي وحرق ونهب
جميلاً وحسنًا وإن كان في ظاهره مؤلمًا وحزينًا وسيئًا ومكروهًا
ثم تسترسل اميرة البلاغة وسيدة البيان زينب العظمة والقوة والبسالة في ردها على هذا العتل الزنيم بن زياد اللعين بقولها(مارأيت الا جميلاً،هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فأنظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك امك يابن مرجانة)
فهؤلاء الشهداء والقتلى انما ينفذون امر الله تعالى ويحققون تقديره اذ انه قد كتب الله عليهم هذا القتل من اجل دينه ورسالته تعالى وقد برزوا الى مضاجعهم
وهذا بقدر ماهو عظيم ومهم ولكن ماهو اعظم واهم هو حفظ وسلامة هذه الرسالة التي من اجلها قد قتلوا واستشهدوا وبعد هذا ايضًا لا تذهب دماؤهم هدرًا وضياعًا كما هو في مخيلة هذا المخبول الممسوخ وذلك في يوم الجمع والقصاص كما تقول هذه العظيمة زينب الجليلة(ع)(وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فأنظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك امك يابن مرجانة)
نعم انه يوم الجمع الذي فيه ترد المظالم والحقوق والذي فيه يكون المظلوم منتصرًا والظالم مهزومًا اي ان المظلوم والمقتول يكون حليفه الفلج والغلبة
والمتجبر والمتكبر والظالم والمتعدي في انكسار واذلال وعذاب وهوان
وهذه رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه طيشًا وغرورًا وظلمًا وطغيانًا
ان يكون على حذر وحيطة من الوقوع في فخ الشيطان ومصيدة ابليس التي نهايتها الندم والحسرة واشد من ذلك العذاب والنكال
كما وقع فيها من وقع فمن غرتهم الدنيا وخدعتهم بحبائلها وخُدعها

نسأل الله اللطيف الخبير ان يجعلنا ممن يسعى لخدمة دينه والتفاني لاعلاء رسالته والسير على هداه وهدى نبيه واهل بيته (ص) والصالحين من اصحابه ونسأله تعالى ان يرينا الحق حقًا فنتبعه والباطل باطلاً فنجتنبه والجمال جمالاً فنعمله والخير خيرًا فنصنعه والشر شرًا فنتركه
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ٢|٢|١٤٤٠ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

زر الذهاب إلى الأعلى