مقالات: الأكل العاطفي
رضي منصور العسيف
روي عن النبي (ص) أنه قال : " ولا تؤثر هواك على راحة بدنك، .. والداء الدوي إدخال الطعام على الطعام " (1)
قالت لي: عندي مشكلة، وهي أني عندما أغضب أو أعصب لأي سبب، فإني أتوجه للأكل، … آكل بدون أي وعي… ماذا أفعل؟
أجبتها: عليك بقراءة القرآن ففيه الهدوء، والاطمئنان يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) الرعد(28)
نظرت لي متعجبة…
ابتسمت لها وقلت … أنا لا أمزح … جربي ذلك ..
ثم قلت … إن حالتك تسمى بالأكل العاطفي (الانفعالي)
يصاب البعض منا بهذه الحالة، فهو يأكل بسبب الغضب، أو بسبب الملل، فهو يأكل لقمع تلك المشاعر السلبية التي يعاني منها، وبعد هذا الإفراط في الأكل يدخل المريض في حالة تأنيب للضمير أو الإحباط، خصوصاً إذا كان ممن يعاني من السمنة.
ما هو الحل لمثل هذه الحالات؟
الخطوة الأولي عليك أن تفصل ارتباط مشاعر الغضب أو الحزن أو الفرح عن تناول الطعام. وعليك السيطرة على مشاعرك السلبية وتفريغها في أعمال أخرى غير التهام الطعام.
الحرمان يولد التمرد
قد يتبع البعض أنظمة غذائية قاسية بهدف التخلص من السمنة، إلا أن الاستمرارية مع هذه الأنظمة ستكون قصيرة، وستكون العودة لما حُرم منه بشكل مضاعف، فمن حرم نفسه من النشويات أو السكريات سيعود لتناولها بأضعافها، وربما البعض سيبحث عنها في زوايا المنزل ليشبع نهمه العاطفي، لذلك فقاعدة الاعتدال في الحمية هي قاعدة صحية للمستقبل، وتحميك من العودة للشراهة الأكل.
غير نمط حياتك العشوائي
من يعاني من الأكل العاطفي فهو ممن لديه عشوائية في (يومياته)، السهر، قلة الحركة، الفراغ، لذلك عليك أن تعيش نمطاً صحياً يتمثل في:
· نوم كافي فمن يحصل على قسط كاف من النوم فإنه سيضبط شهيته.
· أوقات منتظمة للأكل: اهتم بوجباتك الأساسية، والوجبات الخفيفة.
· استثمار أوقات الفراغ في ممارسة هوايات معينة.
ماذا تأكل عند ثورة الجوع العاطفي؟
· قاوم الإغراءات (الأطعمة الجذابة): فالسعادة عند تناولها لن تدوم سوى لحظات وربما يعقبها ندم، لذك كن قوياً ولا تضعف.
· ركز على تناول الفواكه والخضار والمكسرات والاغذية منزوعة الدسم والغنية بالألياف الغذائية. فهي أغذية تشبعك، ولن تشعرك بالندم عند تناولها.
· من المهم شرب ليتر و نصف إلى ليترين من الماء يومياً على الأقل. يساعد الماء على الشعور بالشبع ، وهو أفضل مشروب صحي. كما يمكن تناول شراب البابونج، الذي يساعد على الاسترخاء والتخفيف من الشعور بالتوتر.
· تعلم فن الاستمتاع بالطعام:
جهز لك بعض الوجبات الصحية الخفيفة لتناولها أوقات الانفعال. (سندويشات صغيرة، حفنة مكسرات، سلطة فاكهة، .. )
تناول طعامك ببطء، تذوق النكهة، لا تلتهم طعامك التهاماً.
اجعل من بيتك، مطبخك، ثلاجتك بيئة صحية: تتوفر فها الأغذية الصحية.
حاول السيطرة على التوتر من خلال:
· مارس نشاط بدني تحبه، يمكنك توفير بعض الأجهزة الرياضة لقضاء وقتاً ممتعاً لممارسة الرياضة.
· اجعل لك وقتاً للاسترخاء وبعيداً عن الضوضاء والضغوط المنزلية.
· تواصل مع أشخاص إيجابيين تكتسب منهم الدعم، وتقضي معهم أوقاتاً سعيدة، ويقدمون لك أفضل النصائح للتغلب على هذه الحالة.
الأكل بوعي
روي عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: "لا تطلب الحياة لتأكل، بل اطلب الأكل لتحيا".
علينا ان نتعلم طريقة الأكل بوعي، فهناك ارتباط وثيق بين المعدة و العقل، فمن يتناول طعامه وسط ضغوط وعصبية، فإن هذا سيؤثر على هضم الأكل وامتصاصه، وهذا يعني عدم الاستفادة من فوائد الطعام الذي نختاره حتى لو كان طعاماً صحياً، مما سيؤثِّر على الوصول للوزن المثالي؛ لأن عدم امتصاص الأكل بشكلٍ جيّد، سيؤدّي إلى استمرار الشعور بالجوع، مما ينتج عنه تناول كميّات أكبر من الطعام بلا وعي؛ فيأخذ المخ فترة أطول حتى يخبرك بالشعور بالشبع، فتكتشف أنك تناولت كميّات أكبر بلا داع.
لذلك فليس فقط المهم "ماذا نأكل؟"، ولكن أيضًا "كيف نأكل؟"، و"ما البيئة التي نتناول فيها الطعام؟"
وهذا ما يمسى بالأكل الواعي.
الهوامش:
1 / طب المعصومين
2 / المصدر السابق