مقالات

قل لي.. البخيل من ربه؟!

زكريا أبو سرير

أود أن أفصح للقارئ الكريم أنَّ موقفًا ما، دعاني للكتابة في هذه الزاوية الاجتماعية السوداوية التي يعيشها ويتقمصها بعض أفراد المجتمع بكل أبعادها الشخصية والاجتماعية، وبالأخص في جانب يرتبط بالمال الذي يلازم الإنسان ملازمة مباشرة، وكما عُبر عنه في الأمثال: “المال عديل الروح”، فالمال والثروة المالية التي جُمعت واكتُسبت وكُونت من حطام الدنيا سواء كان هذا الكسب عن طريق التجارة أو عبر الوظيفة أو من سائر مصادر الكسب، فهو يشكل في الدورة الحياتية عصب الحياة، ولكن عندما يزيد هذا الاهتمام بأكثر من حقه، فهذا يشكل انتكاسة على الشخص نفسه، فيأخذ الاهتمام المبالَغ بالمال عند البعض حالة من حالات العبودية المالية، إذ إن هذه العبادة المالية لها اتباع تعتنقها وتتبناها عقديًّا وفكريًّا وسلوكيًّا، وهذا الجماعة موجودة في كل مجتمع، وأصحاب هذه المنظومة العقدية الظلامية يطلق عليهم البخلاء، وقد يصل البخيل إلى درجة الشح فيما بعد.

ومفهوم البخل يعني أن يكون الشخص كريمًا على نفسه بخيلًا على غيره، في حين مفهوم الشح يعني أن يكون الشخص بخيلًا على نفسه وعلى غيره، وهما في درجة سواء عنده، بمعنى يمنع صرف ماله في المباحات خوفًا من نقص أمواله.

شيء من الهول والتعجب مما رأيناه وسمعناه من قصص تجعل من الولدان شيبًا عن هؤلاء البخلاء أو من يعتنق عقيدتهم وحياتهم، والعجب والهول يتضح في طريقة تفكيرهم وشكل معيشتهم المخزية ورداءة أنفسهم، إلى درجة تجردت خساسة نفسياتهم إلى الدناءة الخلقية مع أقرب المقربين لهم كآبائهم وأمهاتهم وإخوانهم وأبنائهم في تدني مستوى الشح الذي يؤمنون به عقديًّا وثقافيًّا وسلوكيًّا.

ولا أبالغ إذا قلت إنه قد وصلت حالة البخل والشح عند بعض الأبناء من الاستكثار في إطعام والديهم ورفض طلب مساعدتهما، أو إيوائهم معهم في منازلهم وتخفيف عبء الحياة وشؤونها عليهم، وهؤلاء الأبناء يرون بأم أعينهم أن آباءهم وأمهاتهم بأمس الحاجة لهم ولمساعدتهم والعطف عليهم، بعد أن ضعفوا بعد رحلة طويلة من الحياة المتعة والمرهقة التي شكلت الجزء الأكبر منها في نشأة وتربية ورعاية أبناءهم، ومع ما يرون عند أبنائهم وهم يتمتعون بسعة من الخير الوفير، وهذا حسبما يذكر لنا بعض الباحثين الاجتماعين عند دراستهم لبعض الحالات الأسرية في المجتمع وكشفهم لمثل هذه الحالات المخزية مع الأسف الشديد، في مجتمع المفترض فيه أن يُستبعد وجود مثل هذه الحالات غير الإنسانية حسبما يجمعهم من سمات نبيلة وإنسانية كالدين والأعراف والتقاليد الاجتماعية التي توارثتها الأجيال.

البخلاء وما يمثلونه من عقيدة فكرية خارجة عن الروح الإنسانية يعدون القطب الاجتماعي الأوحد الذي يفر منه كل من له ولو بصيص من الذائقة الإنسانية؛ بسبب مرارة وبشاعة طريقة حياتهم وسلوكهم مع الآخرين، وهاجس الخوف الذي يحملونه ويطاردهم في كل لحظة.. في النوم واليقظة خوفًا ورعبًا على أموالهم، وهذا لا يحتاج إلى مسمار يثبت لنا عرش هذه المقولة، لوضوح التجارب العديدة مع أصحاب هذه العقيدة الفاسدة وما صدر منها من نتائج مخيبة للآمال، وكم كانت هي مؤلمة على نفوس أقرب المقربين لهم!

وهي مجموعة اتسمت بالعزلة الاجتماعية وبالتنفير لا بالتقريب، يفر منهم القريب قبل البعيد؛ لهذا لا تجد لهؤلاء البخلاء أصدقاء أو رفقاء درب في الحياة بل ولا صديقًا حميمًا، وهذا الانطباع السيئ عنهم سمة بارزة فيهم وفي سلوكهم، وهذا ما عكس طبيعة شخصيتهم وشكَّل عندهم صعوبة ذوبانهم وتقبلهم اجتماعيًّا وانسانيًّا، كما أن بخلهم حرمهم من العيش الهني والكريم ومن لذة العطاء والنفس المطمئنة لدرجة أفسد على أنفسهم جزءًا كبيرًا من حياتهم الأسرية والاجتماعية بل كل حياتهم، وجعلها بلا طعم ولا رائحة ولا معنى؛ لأنهم بكل بساطة تحولوا من مجموعة إنسان إلى آلة صماء اكتفت بجمع المال واستكثاره وحبسه.

وقد أشار لنا ربنا الكريم في كتابه المجيد في بيان وصف إلى النفس البخيلة وكيف هي حالها اتجاه المال في قوله تعالى: “وإنَّه لحبِّ الخيرِ لشَدِيدٌ”،

وقد أجمع المفسرون في تفسير هذه الآية الكريمة بأن المقصود هو الإنسان البخيل، والبخيل هو من يحمل هذه الصفة وهي شدة حبه وحرصه على المال، لهذا الإنسان البخيل الشحيح هو الذي يمتنع من إعطاء حق الله والإنفاق في سبيله، والآية الكريمة كان وصفها دقيقًا حين بيَّنت مفهوم الحب الشديد الذي قد تملك الإنسان البخيل كليًّا.

وهنا أشير لمعنى الحب المذكور في سياق هذه الآية الكريمة، أن لا يفهم من لفظة “الحب” في سياق الآية على أنه أمر حسن، بمعنى قد ينتفع منه صاحب المال والأقربين والمجتمع، بل المقصود هو الحب القبيح والذميم الذي يجعل صاحبه مقيدًا بقيود من حديد من كل النواحي النفسية والأخلاقية والإنسانية؛ بعدم تمكن البخيل صرف بعض من ماله في مواقع الخير، والشدة تعني السيطرة الكاملة على إرادة البخيل وهي سيطرة كلية وليست سيطرة جزئية على إرادته بل قد تصل إلى درجة العبودية، وهذا ما يراه ويلتمسه الآخرون فيهم عبر نظام وشكل حياة البخلاء؛ كيف أنهم مسلوبو الإرادة الكلية في العيش الرغيد مع أنفسهم والآخرين.

الروايات الواردة والكثيرة المروية عن طريق رسول الإسلام الكريم محمد (ص) وأهل بيته الأطهار (ع)، كم تحذر من خطورة البخل والشح، وعدم مصاحبة البخلاء؛ لأن البخلاء لا أمان لهم لا أسريًّا ولا اجتماعيًا، فهم دمار شامل على المجتمع، وأن أصحاب عقيدة حب المال قد أعمى الله بصائرهم وأقفل قلوبهم وأمات ضمائرهم. إن روح الأنا الشيطانية المسيطرة عند البخلاء متجسدة في أعماقهم، فهي حالة نشطة في نفوسهم ومتفاعلة معهم في أي لحظة ومع أي طرف، ولهذا البخلاء مذمومون دينيًّا واجتماعيًّا وإنسانيًّا.

الشخصية البخيلة لا تنظر إلى نفسها ومصلحتها الشخصية والذاتية، وتفكيرها منصب ومتجه نحو الفردانية لا نحو الاتجاه التفكير الجمعي، ومن سمات البخلاء البارزة أنهم لا يسمعون لنداء الضمير ولا تؤثر فيهم الموعظة، بل هم يُعدون من أصحاب القلوب المتحجرة والميتة فإن قيل عنهم وحوش كأسرة فهم حقًّا كذلك.

بل تفوق البخلاء على الشياطين في أفعالهم، إذ لم يكتفوا بأنهم يحملون بين جنبيهم أرطالًا من البخل ومن الصفات الأخلاقية المذمومة، بل عمدوا إلى تشكيل جبهة مضادة ضد فعل الخير وسد كل باب لإيصال منه الخير لأهله، حتى لا تنتشر ظاهرة السخاء والعطاء والخير في الأسرة أو المجتمع.

ذلك أن البخيل وبكل بساطة يعتبر هذه المبادرات الكريمة والإنسانية والخيرية ميكروبات خطيرة وضارة على نفسه وماله؛ لهذا يتوجس من انتشار العدوى أو انتشارها في المجتمع، فالكرم بالنسبة للبخيل يعد عدوه الأول الذي لا يطيقه ولا يرغب فيه ولا حتى الاقتراب منه، بل يعتبر منطقة العطاء محرمة عليه وعلى غيره كذلك، فلا يجوز له في منظوره الاقتراب منها لأنها تشكل له خطورة بالغة؛ ما يستدعي حماية نفسه بواسطة الأقنعة الشيطانية التي يتقن لبسها البخلاء.

وهو لا يحمل إيمانًا راسخًا في قلبه اتجاه الله سبحانه وتعالى، ولا يعترف بمنطق التجارة مع الله رابحة، أو لن تبور أو أنها تزيد عند إنفاق شيء من أمواله في الخير كما وعد ربنا سبحانه في قوله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ” سورة فاطر: 29.

بل إن معتقد البخيل نحو التجارة مع الله وبالكيفية التي ابتغاها الله لعباده هي تجارة خاسرة؛ بسبب سوء ظنه بربه، وهذا يبين لنا كذلك أن البخيل ليس عنده علاقة إيمانية صادقة مع الله على أنه سبحانه يرزقه من يشاء ومن حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب، وهذا يعني أن البخيل لا إيمان عنده بالله سبحانه وبما يقدره لعباده من أرزاق الإلهية، بل تجد ظنه وإيمانه في المال الذي بين يديه؛ فهو ربه الحقيقي الذي يؤمن به ويقدسه والذي يراه يعلو ويزداد في جيبه أو في حسابه البنكي.

وعليه، فالبخيل عقديًّا وشكليًّا واجتماعيًّا يريد أن يعبد الله بالصورة والكيفية التي يريدها هو، لا بالطريقة والكيفية الذي يريدها ربنا الكريم له ولنا، لهذا فإن إله البخيل هو نفسه وماله حتى ولو تلبس شكليًّا ببعض الشعائر الدينية الزائفة، لأن البخلاء ينطبق فيهم وقول الله تعالى: “أفتُؤمنونَ بِبَعضِ الكتابِ وتَكْفُرونَ بِبَعْضٍ”.

ومن يقول إنه مؤمن بالله بهذه الصورة الشكلية الذي ذكرها الله تعالى في كتابه الحكيم فالله غني عن عبادته، بل هو مطرود من رحمة الله تعالى.

حادثة يرويها أحد الوجهاء أصحاب الأيادي البيضاء حين قال لي: أروي لك واحدة من تجاربي الحياتية العجيبة مع هذا الصنف من البخلاء، يقول: كنا على موعد بعمل مشروع خيري في المجتمع في منطقة معينة، عندها انتشر خبر أنه سوف يقام مشروع خيري في منطقة ما، وكنت أنا أحد المساهمين الرئيسين في هذا المشروع الخيري، إذ جاءني اتصال من أحد أفراد المجتمع يطلب مقابلتي، عندها تبادر إلى ذهني أنه أحد الراغبين في المساهمة معنا في المشروع، وخاصة أن صاحب الاتصال يعد أحد رجال المجتمع الذين أكرمهم الله من السعة في المال، وقتها المبلغ الخاص بالمشروع الخيري الذي نعمل عليه قد رصد و اكتمل، فأخذت أفكر طوال الوقت كيف أقدم له اعتذارًا لبقًا بعدم تقبلنا لتبرعه أو مساهمته الكريمة في المشروع؛ ولكي يكون لدي أكثر من رد حتى أصل إلى رضاه تطلب مني هذا أن أبحث وأستمر في البحث وفي التفكير مدة أطول لأجد له فرصة أخرى ومناسبة ليتبرع لها، وهذا بطبيعة الحال يحتاج جهدًا مضاعفًا مني للبحث فضلًا عن إيجاد وسيلة جيدة لإقناعه ليصرف النظر عن المشروع القائِمين عليه، والحمد لله وقعت على بعض المشاريع الخيرية التي لا تقل أهمية عن المشروع الخيري الذي وفقنا الله فيه وفي المنطقة نفسها، وعندها أصبحت على جهوزية للقائه والحوار معه من دون أي تحرج.

وصل الضيف الكريم للقائي في الوقت المحدد، وكما جرت العادة في المجتمع قمت بحُسن استقباله وإكرامه. بعدها بدأ الضيف بالحديث بالشكر والثناء الجميل على ما سره من هذا الاستقبال، وأخذ يسترسل في المدح والثناء حتى دخل في صلب الموضوع وبدأ بكنيتي: أبا فلان، لقد وصلني أنك على وشك القيام بمشروع خيري في منطقتنا؟ أجبته: نعم، يا أخي الكريم، ونسأل الله القبول والتوفيق والسداد، لم يمهلني بإكمال دعائي حتى قاطعني بالرد! يا أبا فلان، مالك ومال هذه المشاريع التي تجر إلينا القيل والقال؟! اتركها أبرك لنا ولك، وأخذ يكررها باللهجة العامية: “ولا تبلشنا وتبلش نفسك فيها”، واستمر في التثبيط والتذمر تجاه المشاريع الخيرية ومن يقف وراءَها، وأنا أستمع له وكلي تعجب! وهو يسترسل ويقول: اليوم هذا المشروع وغدًا ذاك المشروع وهكذا دواليك وما ننتهي من هذه المشاريع؟! والدنيا يا أخي ماشية بدونها والحمد لله، والأفضل أن تبعدها عنا وعنك.

عندها التفتُ له وكلي حيرة! ماذا أقول لمثل هذا الرجل؟ وأي صدمة شكَّلها لي بعد هذا الذي استمعت منه؟! فعلًا جعلني في حيرة من أمري وفي حالة من الاستنكار حين أجد في مجتمعنا مثل هؤلاء الناس الذين امتلأت قلوبهم من حب الذات وتشبعت من الخوف على المال والأنانية. فعلًا إنهم ميكروبات ضارة وربما قاتلة اجتماعيًّا.

قررت أن أجعل هذه الزيارة درسًا له لا ينساه فكان ردي عليه كصاعقة لم يتوقعها:

هل تعلم يا أبا فلان، إن سر نجاحي كوني رجل أعمال؟ قال لا، والله يا أخي، قلت له يقال لي إني أتمتع بفروسية عالية، وإني بالفعل أشعر بها وأعتبرها نعمة وهبة من الله، حيث استفدت منها في كثير من مشاريعي التجارية، إلا معك يا رجل، قد تعطلت فيه هذه الفروسية وخانتني ورمتني في وادي أعتقد أنك بعيد عنه كل البعد، بل أرى من المستحيل أن تصل إليه، لا في القريب ولا في البعيد.

لكن تبينت لي حقيقة كالشمس التي لا يمكن تغطيتها بالغربال عبر هذا اللقاء الذي جمعني بك على أنك إنسان بلغت فيك درجة من الوقاحة ما بلغها الشيطان، بل ما يخاف عليك منها من إنزال عقاب الله سبحانه وتعالى عليك في الدنيا قبل الآخرة، بسبب تجرُّئِك على الله ومحاربتك إياه عندما تحول تمنع وصول الخير إلى أهله، وما أنا وغيري إلا سبب اختارهم الله لأمر هو يريده وأنت تمنعه، وهذا بحد ذاته جريمة في حق الله والإنسانية والمجتمع، مع أنك لم تُكلف بدفع درهم واحد فيه، وما دفعك سعيك إلى تثبيطي وتثبيط غيري عن فعل الخير إلا شيء واحد هو خوفك على مالك وشحك وحرصك الذي استعبدك وجعلك أسيرًا و كسيرًا له في فكرك وسلوك، وجعلك ذليلًا لمالك غير مكره ولا مجبر إلى ذلك المال الزائل الذي سوف تحاسب عليه حسابًا عسيرًا، بل حبك الشديد للمال سلخ من قلبك الرحمة والإنسانية وسلب منك نعمة الثواب والأجر في مواساة إخوانك المحتاجين والمعوزين من أبناء المجتمع. انتهت القصة التي رواها لي هذا الرجل المِعطاء.

أرجع هنا إلى السؤال المهم والمستفز الذي توجتُه به عنوان مقالي “قل لي: البخيل من ربه؟” والجواب عن هذا السؤال الاستفزازي في رأيي الشخصي، وبعد هذا الإيضاح البسيط يتبين لي أن رب البخيل الحقيقي والفعلي هو المال الذي بلغ به أعلى مراتب العبودية في البخل والشح والحرص والخوف وحب المال والذات، وهي تعدُّ أعلى مراتب الخسران والخزي في الدنيا والآخرة.

وهنا أذكر أبرز بعض صفات البخلاء وعباد المال، وهي سمات تجدها متجسدة فيهم ولا تفارقهم باعتبارها هي الحارس الأمني على أموالهم:

الكذب، الحسد، المراوغة، المماطلة، النفاق، الكذب، التنصل من المسؤولية، الغدر، الخيانة، عدم الوفاء، ذمامة الخلق، كثيرة الشك والظن في الآخرين، الوقاحة، الأنانية، وهذه الصفة الرديئة عميقة فيهم، متبلدو المشاعر والأحاسيس، النرجسية المفرطة وبالأخص بما يرتبط بالمال، اللامبالاة، يفتقرون للصداقة والعشرة الطيبة؛ لهذا هم محرومون من صديق حميم، بل لا يستطيعون صناعة صداقة مع أحد، والقصد من الصداقة أي صناعة العلاقة الحميمية التي تجعلك تبذل ما بوسعك تجاه صديقك وأنت في قمة السعادة والافتخار وخاصة في الأزمات أو السفر، وليس القصد بالصداقة هو التعارف الذي صنعته المصالح الشخصية، سرعان ما تذوب هذه العلاقة لحظة انتهاء هذه المصلحة الشخصية بين الطرفين، وقد تعود نفس هذه العلاقة مرة أخرى إلى نفس الأطراف إذا وجدت المصلحة نفسها أو ما يشابها من المصالح الشخصية الدنيوية.

وفي الختام، أعرض للقارئ الكريم بعض ما ورد في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة عن البخل وسوء عاقبة أصحابها وحجم خطورة وبشاعة هذه الآفة الاجتماعية وكيف انها تفتك بصاحبها في الدنيا والآخرة:

قال الله تعالى في كتابه الكريم عن ذم البخل في سورة آل عمران:١٨٠:

“وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ”.

وفي آية أخرى من سورة النساء: 36 يقول تعالى:

” إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا”.

عن رسول الله المصطفى (ص) قال: “السخيُّ قريب مِن الله، قريب من الجنة، قريب مِن الناس، بعيد من النار، والبَخيل بعيدٌ مِن الله، بعيد من الناس، قريب مِن النار، والَجاهل سخيٌّ أحب إلى الله عز وجل من عابد بخيل”.

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): “أقلُّ الناس راحة البخيل، وأبخل الناس من بخل بما افترض الله عليه”.

وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: “إياك ومصادقة الأحمق فانه يريد أن ينفعك فيضرك، وإياك ومصادقة البخيل فإنه يبعد عنك أحوج ما تكون إليه”.

وعن الإمام الهادي (ع): “الجهل والبخل أذم الأخلاق”.

وفي قول آخر: “ما استراح ذو الحرص والحكمة”.

وفي قول ثالث: “البخل أذم الأخلاق، والطمع سجية سيئة”.

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى