كلمة الجمعة للشيخ حسين آل خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي منه السلام واليه يعود السلام والصلاة والسلام على رسول السلام ونبي الاسلام محمد وآله الطيبين الطاهرين
(الاسلام ظل وثمرة)
قال الامام ابو الحسن علي بن موسى الرضا(ع)(والمسلم الذي يسلم المسلمون من لسانه ويده،وليس منا من لم يؤمن جاره بوائقه)
الاسلام كما هو منهج عبادة كذلك هو منهاج سلام اذن هو دستور حياة وكما تحيى القلوب وتطمئن بذكر الله وطاعته
كذلك الحال بالاسلام تسلم الحياة وتستقر اذ ان الاسلام بمثابة مشفى فيه كل علاج ولكل علة في الحياة ونقولها وبكل دقة ان الاسلام هو مشفى الحياة وصلاحها فمن يدخل في الاسلام فإنه يدخل في الحياة ومن اوسع ابوابها ويلج في السعادة وبكل معانيها ويصل الى السلامة برحبها فالاسلام بقدر ماهو في لباسه الشكلي والظاهري فهو يتضمن جانبًا آخر وبعدًا اوسع واعمق الا وهو الجانب الجوهري واللبِّي اي معنى الاسلام وروحه
نعم حين نلتفت للاسلام ونعتني به ونظهره وفي لباسه الظاهري والشكلي وهذا أمر حسن وطيب وبه يحسب الانسان مسلمًا من الناحية الظاهرية
ولكن ماهو اهم واعظم ان يرتقي الانسان الى روح ومعنى الاسلام والذي يظهر من خلال سلوكه ومعاملاته وايمانه وامانته وصدق نيته واحسانه وحسن سيرته وسلوكه وخلاصة القول ان يكون اسلامًا متحركًا ومبدأً متجسدًا في هيئة انسان متسربلاً بالمثل والقيم وحائزًا على المكارم والفضائل
وهكذا يصاغ ويسبك بالاسلام رجالات خالصة ومخلصة وطاهرة ومتطهرة وصالحة ومصلحة وزاكية ومزكية وحسنة ومحسنة وسالمة ومسالمة حالها ومعدنها كحال الذهب والفضة الذي يسبك وينقى من الخبث والخسيس بل الاسلام اعظم اثرًا واشد مردودًا على نفوس الرجال الذين ذابوا وتكهربوا بالاسلام وعجنت ارواحهم بنوره إنه الاسلام الذي يضفي اثره وانعكاسه على مريديه ومعتنقيه الذي تمسكوا به على احسن وجه واجلى صورة فجاءت نفوسهم وارواحهم تبعًا لما هم عليه من تمسك وارتباط صادق وحقيقي بالاسلام كما هو الذهب والفضة التي سبكتها النار حيث يقول الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع)(الاسلام يسبك الرجال كما تسبك النار خبث الحديد والذهب والفضة)
اذن فالاسلام ليس مجرد اسم وعنوان ينتحله الانسان في حدود طقوسه وشكلياته بل هو منهاج عمل وجدول التزام وحسن سلوك واخلاق
كما يقول الرسول محمد(ص)(الاسلام حسن الخلق)
فمهما كثرت طاعات الانسان وتوسعت عباداته وتراكمت صدقاته دونما يصاحبها حسن الخلق فإنها تذهب ادراج الرياح وتصير هباءً منثورة
لان سوء الخلق يذيب الايمان كما يذيب الماء الملح لقول رسول الله(ص)
وحسن الخلق ليس مجرد بشاشة يبديها من هنا او ابتسامة يرسلها من هناك وإن كان هذا مطلوبًا ومرجوًا لان المؤمن هش بش اي ذو ابتسامة وبشاشة ولكن حسن الخلق هو اوسع مما يتصوره ويقدره البعض بهذه الحدود
فحسن الخلق هو الذي يدخل في كل شؤون الحياة ومفاصلها من صدق وأمانة وحسن معاملة وطهارة طوية وصلاح حال ونية
فالإنسان المسلم كله حسن وكل سلم وكله خير وكله اخلاق كحال الدين الذي يرتبط به كما قال رسول الله(ص)(الاسلام حسن الخلق والدين حسن المعاملة)
وابرز مايكون من المعاملة هي حسن المعاشرة والمعايشة مع الآخرين وبأفضل كيفية من اظهار الحب الخالص والصادق للآخرين وذلك عبر التعامل السلمي والودي وكف الاذى والظلم والعدوان كما يحبه لنفسه ويرتضيه لقول امير المؤمنين علي(ع)(حب لغيرك ماتحب لنفسك واكره له ماتكره لنفسك)
فكم هو الانسان يحب الخير لنفسه ويكره الشر لها وبصناعته ذلك للغير يصير الى احسن حال وافضل وضع وبه يظهر على الحقيقة الناصعة التي هو عليها من الاسلام ويقف على المعنى البليغ للإنسان المسلم الذي يقول عنه الامام الرضا (ع)(والمسلم الذي يسلم المسلمون من لسانه ويده وليس منا من لم يؤمن جاره من بوائقه)
وحين يسلم المسلمون من لسان ويد هذا المسلم يكون قد التزم بالاسلام وبروحه وانتهى الى مايبتغيه ويرجوه واما اذا لم يكن بهذا الحال والسلوك اي انه جعل لسانه مسلطًا على المسلمين ويده ممتده عليهم فما عساه ان ينتفع بهذا الاسلام وهل يعد مثل هذا الصنف من المسلمين ويحسب عليهم ؟
كلا والف كلا لان الانسان المسلم ليس فقط يسلم المسلمون من لسانه ويده بل ويسعى في دفع الاذى والشر عنهم ويجتهد في تحقيق الخير والسلام لهم
وهكذا الحال الذي يبتغيه الاسلام من اتباعه في محبة بعضهم بعض وان يكفوا عن الشر ويبتعدوا عنه ويتلاقوا على المحبة والسلام والالفة والوئام
–
نسأل الله ذو الجلال والإكرام ان يوحد صفوف المسلمين ويصفي قلوبهم ويطهرها من الضغائن والاحقاد ويملئها بالحب والصفاء
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة ٢٠|١١|١٤٣٩ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس