دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين آل خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي علم بالقلم علم الانسان مالم يعلم والصلاة والسلام على مدينة العلم ودار الحكمة محمد وآله الابرار الاخيار الطيبين الطاهرين
(العلم مفتاح الفهم)
قال الامام ابو عبد الله جعفر بن محمد الصادق(ع)(ومن لم يعلم لم يفهم ومن لم يفهم لم يسلم ومن لم يسلم لم يكرم ومن لم يكرم تهضم)
العلم يعني الاحاطة بالشيء والوقوف على معناه وخلافه الجهل الذي فيه فقدان المعرفة والاحاطة وقد ندب الاسلام على العلم والسعي في تحصيله
فقال رسول الاسلام محمد(ص)(العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة )
وبه ينال الانسان الفضل والمرتبة الرفيعة والميزة العالية اذ يقول الرسول (ص) (وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه وفضل العالم على سائر الناس كفضلي على ادناهم)
وكذلك يقول الرسول (ص)(فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر)
ويقول(ص) ايضًا(ان فضل العالم على العابد كفضل الشمس على الكواكب وفضل العابد على غير العابد كفضل القمر على الكواكب)
ويقول الامام الصادق(ع)(عالم افضل من الف عابد ومن الف زاهد)
وهذا الفضل انما يتأتى من جانب استعمال العلم في سبيل الله وذلك من خلال رد ودفع الباطل واحقاق الحق حيث يقول الرسول (ص) (من خرج يطلب بابًا من علم ليرد به باطلاً الى حق او ضلالة الى هدىً كان عمله ذلك كعبادة متعبد اربعين عامًا)
انه لهو الشرف العظيم وكفى به شرف وكفى بالجهل ذمًا اذ يتبرأ منه من هو فيه
اذ يقول الامام علي بن ابي طالب(ع)(كفى بالعلم شرفًا ان يدعيه من لا يحسنه ويفرح اذا نسب اليه،وكفى بالجهل ذمًا يبرأ منه من هو فيه)
وكل شرف يمكن ان يدانا او يقارب او يعلى عليه الا شرف العلم فلا يقاربه شرف ولا يدانيه مقام حيث يقول الامام علي(ع)(لاشرف كالعلم)
والشريف كل الشريف من شرفه علمه وعمله كما يقول الامام علي(ع)(الشريف كل الشريف من شرفه علمه)
وفاقد العلم ليس فقط فاقد للشرف والتكريم وانما يعد قلبه كالبيت الخرب وهذا غير لائق بمن يملك ولو شيء بسيط من الادراك لان رسول الله(ص) يقول(قلب ليس فيه شيء من الحكمة كبيت خرب،فتعلموا وعلموا وتفقهوا ولا تموتوا جهالًا فإن الله لا يعذر على الجهل)
نعم العلم ينير القلوب ويحييها ويصلحها بل ويكسب صاحبه الفوز والسعادة كما يقول الامام علي(ع)(من قاتل جهله بعلمه فاز بالحظ الاسعد)
وكم هم الذي يسعون وبكل جدهم واجتهادهم في تحصيل العلم الحياتي ويحرصون على اتقانه وضبطه لينالوا به من الدنيا نصيبهم ويكسبوا في الحياة مجدهم وهذا امر طيب وحسن ورائع وجميل وعظيم وجليل ولكن ماهو اطيب واجمل واحسن واروع واعظم واجل
حين يجمع معه علم الدين والعقيدة والمعرفة بالله تعالى وبمن نصبهم ادلاء عليه من انبياء ورسل واوصياء واهل علم وامانة
وكم هو قادر صاحب العلم والتخصص في ميادين الحياة على مواجهة المصاعب وتذليلها والتغلب عليها بمهاراته وحكمته كذلك هو هذا العالم العارف القادر والماهر في ميدان الدين والعقيدة على خدمة الدين واعلائه ورد الشبهات عنه والسعي في تعليم وهداية عباد الله وانقاذهم من الجهل والظلال وحفظهم من شراك الشيطان وعبيده
ويكون جزائه ليس فقط الجنة وحسب بل ويشفع لمن اخذ عنه وتعلم منه
كما يقول الامام الصادق(ع)(ويقال للفقيه:ايها الكافل لايتام ال محمد الهادي لضعفاء محبيهم ومواليهم قف حتى تشفع لمن اخذ عنك وتعلم منك)
فالعالم والعارف هنا هو الذي وقف على روح العلم ومعناه ولبه ومنتهاه بعد وقوفه على شكله ورسمه
اذ ان للعلم شكل ومحتوى ولا ينفع الشكل دون المحتوى وكذلك لا ينفع المحتوى دون الشكل
ولذلك يقتضي لطالب العلم ومريده ان يضمن في نفسه ومنذ انطلاقته هذا المعنى الا وهو الوقوف على العلم من حيث هو ظاهر وشكل بالاضافة الى الوقوف على روح العلم ومعناه وبهذا يتوصل الى الفهم والادراك الحق والا ما اكثر من تلبس بلباس العلم الا انه لم يدرك منه الا شكله وظاهره وهذا لا يؤدي الغرض والهدف
لان العلم الخالص يتولد منه الفهم والاحاطة وبعدها السلامة والرضا وهكذا يقولها الامام الصادق(ع) ينبوع العلم وناشره وبحر الحكمة ومظهرها (ومن لم يعلم لم يفهم ومن لم يفهم لم يسلم ومن لم يسلم لم يكرم ومن لم يكرم تهضم)
وهكذا بالعلم نحوز على الفهم وبالفهم نكسب السلامة والصحة في الامور والاحكام وننال الكرامة والفوز
ومن حرم العلم فاته الفهم ومن فاته الفهم كان على خطر ومن كان على خطر فهو في تهضم وغبن
فالأمة التي تنشد وتتطلع الى الفهم والسلامة والكرامة والتقدم والارتقاء مفتاحها الى ذلك هو العلم والالتزام برسالته والعمل بمحتواه

نسأل الله الحي القيوم ان يوفقنا للعلم والعمل الصالح وان يسعدنا بطاعته وتقواه وينصرنا على عدوه وعدونا
انه عزيز حكيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ٦|١١|١٤٣٩ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

زر الذهاب إلى الأعلى