دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين آل خميس

‏بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي انزل القرآن وجعله نورًا من الظلام وهدى من العمى والصلاة والسلام على نور القلوب وشفيع الذنوب المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(السبق للقرآن عمل والتزام)
قال الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع)(الله الله في القرآن فلا يسبقنكم الى العمل به غيركم)
اولى بالاهتمام والعناية بالقرآن والرعاية له وحفظه والعمل به هم اتباعه والمنتسبون اليه والمحسوبون عليه وهذه العناية والاهتمام والرعاية لايمكن الوقوف عليها والوصول الى لبها والارتقاء الى سنامها
الا من خلال التدرج والتنقل من مرحلة الى مرحلة ومن مرتبة الى مرتبة وذلك وباختصار عبر الوقوف على حروف وحدود القرآن والعمل به
فعند تلاوة وقرآءه القرآن لابد من التعرف على حروفه والاتقان التام في نطقها واطلاقها واجادة لفظها بحسب الرسم والكيفية التي جعلت لها
وبعد هذه المرحلة يكون الانتقال الى المرحلة الاخرى من العناية والاهتمام بالقرآن الا وهي الوقوف والتعرف على حدوده والاحاطة باحكامه والوصول الى مضامينه والنفوذ الى مقاصده،وحينها تكون هذه التلاوة والقراءة تلاوة وقراءة المتدبرين والمتعلقين ومتجاوزين كل قراءة لا تدبر فيها وقائلين كما قال الامام الصادق(ع)(ولا تجعل قراءتي فيه قراءة لا تدبر فيها)
وهذا يعني الوقوف على ماوراء الكلام بعد الوقوف على امامه
فالوقوف على القرآن وقوفان:
وقوف على ظاهره ووقوف على باطنه
اي وقوف على حروفه ووقوفه على حدوده
ووقوف على الفاظه ووقوف على معانيه
وهكذا تكون التلاوة والقراءة حقه ومعتبره يكون فيها حفظهاً للحدود بعد حفظ الحروف والا اذا كانت التلاوة منحصرة في حدود الحروف وحسب يكون ذلك تضييع للقرآن بإضاعة حدوده
كما يقول الامام الصادق(ع)(حفظوا حروفه واضاعوا حدوده)
شيء جميل جدًا ان يجيد المسلم تلاوة القرآن وحفظه
ولكن ماهو اروع واجمل ان يجيد مع ذلك المعرفة والاحاطة والاطلاع على معارف ومقاصد ومطالب القرآن وكذلك ماهو اوسع جمالاً واعمق روعةً واعظم اهتمامًا حين يكون السباق الى العمل بالقرآن والالتزام باحكامه والتنفيذ لحدوده بعد معرفته ومعرفة حروفه
فالسبق والتسابق الى القرآن هي احدى البوابات الواسعة التي من خلالها يصل الانسان ويصير الى القرب المقدس من ساحة ربه تعالى ونبيه(ص)
لقوله تعالى(والسابقون السابقون اولئك المقربون))الواقعة|10|11
فالسابقون المقربون هم الذين تلوا القرآن حق تلاوته واتبعوه حق اتباعه
وفي هذا يقول الامام الصادق(ع)(يرتلون آياته ويتفقهون معانيه ويعملون باحكامه ويرجون وعده ويخشون عذابه ويتمثلون قصصه ويعتبرون امثاله ويأتون اوامره ويجتنبون نواهيه وماهو واللهِ بحفظ آياته وسرد حروفه وتلاوة سوره ودرس اعشاره واخماسه حفظوا حروفه واضاعوا حدوده
وانما هو تدبر آياته ، يقول الله تعالى(كتاب انزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليذكر اولوا الالباب) ص|29 )
انهم اولوا الالباب الذين وعوا القرآن وتدبروه وتفقهوا معانيه وعروفه وعلموا باحكامه واتبعوه وكانوا معه ورعوه وكان معهم اذ حفظوه
انهم اهل بيت الرسالة ومهبط الوحي والتنزيل محمد وآله الاطهار (ص) ومن هم على دربهم يسيرون
الذين قال عنهم رفيق القرآن وقرينه امير المؤمنين علي(ع)(أوّه على إخواني الذين تلوا القرآن فاحكموه،وتدبروا الفرض فأقاموه، أحيوا السنة واماتوا البدعة ودعوا للجهاد فأجابوا ووثقوا بالقائد فاتبعوه)
وكذلك يقول(ع)(اين القوم الذين دعوا الى الاسلام فقبلوه وقرؤوا القرآن فأحكموه)
انهم بحق سباقين الى القرآن والعمل به والالتزام بشرائعه واحكامه
وهكذا يكون التسابق والعناية بالقرآن والاهتمام به بعد التلاوة والنظر والرعاية الحقة والاعتقاد السليم به والتسليم التام لمحكم آياته
وهذا ماصدع به سيد الساجدين الامام علي بن الحسين(ع)(فاجعلنا ممن يرعاه حق رعايته ويدين لك باعتقاد التسليم لمحكم آياته)
وعليه فمن المهم بمكان ان تلتفت هذه الأمة بكتاب ربها وترعاه حق الرعاية وتهتم به اشد الاهتمام وتعمل به قبل غيرها ليكون لها الفضل والتقدم والتميز ولا تترك الفرصة تفوت ويغتنمها الغير فيحظى بها
فأمة القرآن هي اولى بالقرآن من غيرها
اذ يقول الامام امير المؤمنين علي(ع)(الله الله في القرآن فلا يسبقنكم الى العمل به غيركم)
اذ أن تأخر هذه الأمة عن القرآن وسبق الغير إليه والعمل به جعل هذه الامة في صفاف المتأخرين وفاز بالتقدم والعلو من تقدم الى القرآن وعمل به
وهذا ماقاله رسول الله (ص)(من جعله امامه قاده الى الجنة ومن جعله وراءة قاده الى النار)

نسأل الله السميع العليم ان يجعلنا من اهل القرآن ومن يرعاه حق رعايته ومن السباقين للعمل به
إنه ربنا على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة 15|10|1439 هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

زر الذهاب إلى الأعلى