دينية

كلمة الجمعة : الشيخ حسين آل خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ذو الجلال والاكرام والاحسان والانعام والفضل والامنان والصلاة والسلام على نبي الامة ورسول الرحمة وباب النعمة وينبوع الحكمة وابو الزهراء فاطمة محمد وآله الطيبين الطاهرين
(شوق الجنة وجنة المشتاقين)
قال الرسول الاعظم محمد(ص)(ان الجنة مشتاقة الى اربعة نفر: الى مطعم الجيعان،وحافظ اللسان،وتالي القرآن،وصائم شهر رمضان)
المشتاق اليه مشتاق هو الوضع الطبيعي في جريان الشوق من طرف الى طرف وفي المقابل من الطرف الآخر الى الاول وبهذا يكون الانتظام والتناسق في الشوق وداعياً لقيامه وثباته وخلوصه فاشتياق شخص لشخص لايكون قائمًا ومتواصلاً الا حين يكون عبر حبل يمسك به الطرفان كل يشده من جهته وهكذا تكون العلاقة والرابطة
وخلاف ذلك يكون الوضع خالي من الثمرة معدوم من النتيجة
اي حين يكون احد الطرفين جادًا ومجتهداً وراغبًا في العلاقة والشوق
والاخر معرضًا وصادًا وهاجرًا لا يتخرج من هذا الا الجمود والمراوحة والدوران في حلقة مفرغة من دون جدوة ولا ثمرة
هذا ماهو جاري وواقع بين بني الانسان
اما ماينبغي ان يكون بين الانسان ومصيره ونهايته اي بينه وبين الجنة
فالحال وكالمعتاد ان الانسان يسعى وبكل جد واجتهاد وشوق ورغبة في نيله الجنة ووصوله اليها والفوز بها وذلك عبر الطاعات والقربات والاحسان والحسنات والصدق والصدقات هذا ماهو كائن وجاري من الانسان في شوقه ورغبته في الجنة
ولكن من طرف اخر يمكن ان تكون الجنة هي نفسها تحمل في روعها وجنباتها هذا الشوق والرغبة
الى افراد واشخاص تملكوا من الصفات والاعمال والمساعي مما حداها الشوق اليهم والرغبة في ان يكونوا من سكانها والحلول في ساحاتها وهذا ما اوضحه واكده رسول الله (ص)في قوله المبارك:(ان الجنة مشتاقة الى اربعة نفر: الى مطعم الجيعان،وحافظ اللسان،وتالي القرآن،وصائم شهر رمضان)
نعم انها صفات جامعة وشاملة وخصال جميلة وجليلة يرتقي بها الانسان الى مراتب الشوق والرغبة الى الجنة وشوق الجنة اليه ورغبتها بوجوده
اولى هذه الخصال :اطعام الجياع
في امتداده العام وفي وضعه الحاص اي ان بذله واطعامه الجياع في كل وقت ويتأكد لديه في شهر الله شهر رمضان الذي من فطر فيه صائمًا اوجبت له الجنه وغفران الذنوب وهذا ماقاله رسول الله(ص)(ايها الناس من فطر منكم صائمًا مؤمنًا في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق نسمة ومغفرة لما مضى من ذنوبه)
وهذا العمل بقدر ماهو ديني وشرعي فهو انساني ووجداني وله اثره وظلاله الى ان يرتقي صاحبه الى اشتياق الجنة له وهو اول النفر الذين تشتاق اليهم الجنة كما يقول الرسول(ص)(مطعم الجيعان)
والخصلة الثانية التي بها يتهيء ويرتقي الانسان الى شوق الجنة له هي حفظ اللسان وكفه عن الكذب والبهتان وفي كل وقت وزمان وبالخصوص في شهر الصيام
واطلاقه بالذكر والعبادة وقول الحق والصدق اذ باللسان يمكن للانسان ان يفوز بالجنة والرضوان او يجازى بالعذاب والنيران
فمن هنا ان حافظ اللسان يكافأ بما فيه الرضا والنعيم بل بأكثر واوسع الا وهو اشتياق الجنة له
والخصلة الثالثة التي بها ينال الانسان شوق الجنة وحبها هي تلاوة القرآن كما يقول الرسول(ص)(وتالي القرآن)
اي التلاوة الحقة كما يقول الله تعالى (الذين ءاتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته اولئك يؤمنون به ومن كفر به فاولئك هم الخاسرون) البقرة |121
فالتلاوة الحقة هي التلاوة الجامعة بين اظهاره بالنطق بالفاظه وحروفه والالتزام بحدوده واحكامه
وكذلك هي الخصلة الرابعة التي بها يعد الانسان من النفر الذين تشتاق اليهم الجنه وتتوق الى اطلالتهم
هي الصيام اذ ان صائم شهر رمضان له ماله عند الله تعالى من الكرامة والتشريف فهو بصيامه واحتسابه وايمانه ينال من الله تعالى خروجه من ذنوبه اذ يقول الرسول (ص)(من صام شهر رمضان ايمانًا واحتسابًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه)
فالصائم المؤمن المحتسب هو في عناية الله تعالى ورعايته وضيافته وكرامته فمن ضمن هذه الكرامة هو غفران الذنوب وستر العيوب والمجازاة بالنعيم في الجنان وهكذا تصبح الجنة في شوق ولهفة الى هؤلاء النفر الذين اخلصوا طاعاتهم وعطائهم وعباداتهم وعاداتهم وسيرهم وسلوكهم

نسأل الله اللطيف الخبير ان يوفقنا الى هذه المسالك والاعمال الطيبة لننال بها شوقنا الى الجنة وشوق الجنة لنا
انه ربنا على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة 16|9|1439 هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

زر الذهاب إلى الأعلى