دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس

‏بسم الله الرحمن الرحيم
‏الحمد لله رب العالمين رب الاخرة والأولى والصلاة ‏والسلام على سيد الاولين والاخرين المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(‏الآخرة خير من الأولى)
‏قال الله العزيز في كتابه الكريم (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى) الضحى|٤
العاقل حين يخير بين امر وآخر ينظر الى ماهو افضل واحسن ويختار وان كان فيه مافيه من المتاعب والمصاعب ويتجنب ويترك الامر الآخر وان وجد فيه مافيه من المكاسب والمغانم
وهذا سيد العقلاء وقدوة الحكماء رسول الله محمد(ص) حين خُير بين البقاء في هذه الدنيا او الرحيل عنها مع ما في هذه الدار من نعيم وخير الا انه لم يختر هذه الدار بل اختار الآخرة ونعيمها ودوام بقائها الذي لا يتوفر في هذه الدار
وهذا القرار والاختيار فيه مافيه من الكلفة والشدة
الا وهو خروج الروح وانقطاع النفس ومفارقة الاهل والاحبة
نعم انهم العظام والكبار يتخذون مثل هذه القرارات الصعبة ماداموا هم مدركون حقيقة وثمرة هذه القرارات العظيمة وبالخصوص حين ترد وتقدم لهم توجيهات وارشادات ونحو ذلك
كما كان الحال لرسول الله (ص) حين وضع امامه الخيار بين البقاء في الدنيا او الرحيل عنها والانتقال للآخرة
مع ماقدم له من ايضاح وكشف من ان الآخرة خير وافضل من الدنيا فكان خياره وقراره الحكيم نحو الآخرة والرحيل اليها
وان كان في ذلك الانقطاع عن الاهل والاعزة وهذا ما وصل اليه من ربه تعالى عبر امين وحيه جبرئيل (ع) بقوله (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى) الضحى|٤
فكان خياره هذا وهو في آخر عمره ان قال نعم الرحيل للآخرة كما قدر ربي واختاره
وكذلك قد اختار موقفًا وهو في مقتبل العمر وفي الايام الاولى من دعوته ونهضته وحركته وسعيه في اعلاء دين الله تعالى
فكان الخيار بين ان يترك هذا الامر ويتخلى عنه وعن نشره ويكون له مايريد من الدنيا من قبل اعداء الرسالة والدين او المواجهة والموت دون هذا الامر
فكان قراره واختياره المضي قدمًا وان كلفه ذلك الهلاك والموت
وقد قالها صريحةً وبكل ثقة واطمئنان لعمه ابي طالب (ع) (ياعم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان اترك هذا الامر ماتركته او اموت دونه)
فكان بهذا الموقف حياته وبقاؤه ودوامه وخلوده وهكذا فعلها اهل بيته الاطهار(ع) واهل الصدق والوفاء من اصحابه (ر)
وهذا ماكان واضحًا وجليًا في موقف وقرار سبط وريحانة رسول الله (ص) ابي الاحرار وسيد الشهداء ابو عبد الله الامام الحسين (ع)
حين وضع بين خيارين اما الموت والشهادة او الذل والخنوع والهوان
فما كان منه الا ان تظهر لديه روح جده وابيه (ص) ان واجه الوضع بنفس ثابتة وروح واثقة وقلب مطمئن
وقد قال(ع)(الا ان الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات من الذلة)
وبهذا القرار الذي فيه حفظ الدين وسلامته وكذلك ابعاد الذل والخزي عن نفسه وعن امثاله من الرجالات الصادقة والمخلصة فكان له ولهم بذلك الخلود والبقاء ولعدوهم الزوال والفناء
وهكذا من اراد الخير والآخرة فهذا رسول الله واهل بيته امامه الذين اختاروا الآخرة على الدنيا سواء في مواجهة المصاعب والمتاعب ومفارقة الحياة وهم على اربى حال واسلم قرار

‏نسأل الله المولى الكريم أن يوفقنا ويسدد خطانا وأن يجعل الآخرة لنا خير من الأولى
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام ‏على سيد الانام والبدر التمام وقدوة الكرام ‏المصطفى الأمجد أبي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين

‏كلمة الجمعة ٢٢|١١|١٤٤٠ هـ
‏الشيخ حسين مهدي آل خميس

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى