مقالات

العيد طاعة أم عادة؟!

فؤاد الحمود

خلال الشهر الكريم يتسابق المؤمنون في أداء الأعمال على أكمل وجه، لعلمهم أن الطاعة في شهر رمضان لها فوائد دنيوية وأخروية، ويبلغ أوج ذلك في ليالي القدر حيث يتنافس المتنافسون طالبين رضا الله تعالى.

هذا الشهر العظيم فرصة كبيرة لتعديل الكثير من السلوك وتهذيب الأخلاق، كما أنه يعوّد المؤمنين ويدرّبهم على أداء الأعمال بروحية خاصة، ولعله لارتفاع الموانع من غلّ الشياطين، وحث الشارع على مضاعفة الثواب.

فخلال ليلة واحدة؛ وهي ليلة القدر التي وصفها الباري بأنها خير من ثلاث وثمانين سنة من العمل الدؤوب الصحيح، تجد النفوس منفعلة ومتفاعلة تحصيلاً لما وعد الله عباده المؤمنين.

والأصل أن تكون ما بعدها من الليالي فرصة للرقي والتقرب إليه تعالى لا أن تحصل هناك انتكاسات، صحيح أن الشياطين تتأهب لسرقة ما حصلنا عليه من مكتسبات كون ذلك يسوؤها كثيراً، فعلينا أن نعي مؤامرات وحبائل الشياطين.

والعيد من تلك الفرص التي يفرح بها الناجحون لحصولهم على الهبات والعطايا الإلهية؛ لأن كل يوم لم يعص العبد ربه هو عيد، لكننا نجد مجموعة من المنغصات الموهومة والتي لا ترتكز على أسس شرعية دينية كوننا متعبدون بالدين لله.

ففي كل سنة ومع آخر الشهر الكريم تبدأ التجاذبات من هنا وهناك بين واقع اختلاف في الهلال، لا خلاف في الهلال؛ لأن الهلال ظاهرة طبيعية من جهة تعتمد عليها بعض التكاليف الشرعية من إحياء بعض العبادات ومناسبات أهل البيت عليهم السلام في أفراحهم وأتراحهم.

فإذا كان الاستهلال خاضعا للضوابط الشرعية فإن اختلاف التكاليف تابعة لآراء ومباني المراجع الكرام، فهل سيعاب على أحد أو ينظر إليه بتحسس كونه كثير للسفر فتنقلب وظيفته بأن يتم صلاته ويصوم في السفر على تفاصيل يذكرها الفقهاء.

أوليست العبودية لله ناشئة عن طاعة العبد لمولاه، وقد اختار المؤمن التعبد بفتاوى المرجع المعين بناءً على الضوابط والقواعد المتبعة، فكون مرجع التقليد يقول لا تتحقق رؤية الهلال إلا بالعين المجردة على نحو الفتوى لا الاحتياط؛ والتي لا يمكن الرجوع إلى غيره في مثل هذه الحالة.

لذا فلن يمكنه العمل بفتوى القائلين بإمكانية الرؤية بالعين المسلحة أو الاشتراك في ليل واحد ولو بجزء منه أو بالقائلين بالعوالم الثلاثة القديمة، فهل نتنغص عليه لأن أسرته أو أخاه عملوا بوظيفتهم الشرعية وسبقوه في العيد؟

الوظيفة الشرعية هي التي تحدد التكليف وبالتالي على المؤمنين التعبد لله وسد أبواب الشياطين وتقبل الحالة بأريحية، ولعلي اهمس في أذن بعض القائمين على إثبات الهلال من لجان وعلماء أن يطرحوا المسألة بما هي طبيعة أغلب المراجع وبالتالي ستخلق حالة إيجابية لدى المجتمع المؤمن بتفعيل الوظيفة الشرعية.

فلنشجع مبدأ العمل بالوظيفة الشرعية ونعزز في أنفسنا أننا نعمل حسب الشرع لا حسب الأهواء والعادات ومنها عبادة الأنا.

جمع الله كلمتنا على التقوى في أيام العيد.
وكل عام وأنتم لله أقرب ولطاعته والتقرب إليه أرغب والحمد لله رب العالمين..

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى