كلمة الجمعة للشيخ حسين آل خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي اكرم عباده بطاعته وكافأهم بعطائه وجازاهم بثوابه والصلاة والسلام على من تعبد وصام وطاع وقام ودع واستقام الصادق الامين محمد وآله الطيبين الطاهرين
(صيام القلب خير الصيام)
قال الامام امير المؤمنين علي(ع)(صوم القلب خير من صيام اللسان وصيام اللسان خير من صيام البطن)
بحسب الادراك والفهم والاحاطة والوعي يكون التعامل والتعاطي
فمن يكون ادراكه وفهمه بسيطًا كذلك الحال تعامله وتعاطيه بذلك المقدار وكلما اتسعت رقعة ومساحة الوعي اتسع معها التعاطي والتعامل الى ان يصل الى اوسع مايكون من المساحة هكذا هو النظر والتقدير والتعاطي مع الاحكام والفرائض
اذ بحسب القدرة والامكانية ومقدار الادراك والفهم يكون التعاطي والتعامل
ففريق من الناس يظهر تعاطيه مع الاحكام والاوامر بحدودها الظاهرية والشكلية وبعدها البسيط والضيق
والفريق الاخر يكمن تعاطيه وتعامله الى ماهو ابعد بمرتبة ومستوى
واما الفريق الثالث فهو يذهب الى ماهو ابعد واوسع واتم المراتب من التعامل والتعاطي لما لديه من الوعي والادراك
ولذلك ينبغي للانسان المؤمن ان يكون على حالة من التصعيد والتوسع في مجال العلم والمعرفة والاحاطة والادراك للأمور والاحكام لكي يتحقق لديه المقصد الابعد والمعنى الاوسع مما يعمله ويقدم عليه ويقوم به ويشرع في تنفيذه
كما هو العلم نفسه يقتضي درايته قبل روايته
كما ورد في الحديث المبارك (الدراية ثم الرواية)
وكذلك يقول الامام الصادق(ع)(حديث تدريه خير من ألف ترويه)
نعم من المهم العلم والمعرفة والعمل والالتزام لكن ماهو اهم هو الوقوف على مقاصد العلم وغاياته فالاحكام بما هي والالتزام بها وتنفيذها امر حسن وطيب يكشف عن سلامة وصحة العامل بها والمنفذ لها
وهذه صورة رائعة ومشهد مهيب وتكون الصورة اشد روعة واعظم هيبة حين يظهر مع هذا الظهور من العمل روحه ومعناه وادناه واعلاه
اذ ان اقل درجات العمل يتمثل في وجوده الظاهري والشكلي وينتهي الى اعلى درجاته وارفع مراتبه وهذا مايروم ويرمي اليه الشارع المقدس في تشريعاته واحكامه
اذ انه لم يحصر الاحكام ويقصرها على التجسيد الظاهري الشكلي وانما اراد من ظاهر الاحكام وشكلها هو الولوج والابحار الى اعماقها والوصول الى البابها والامساك بلآلئها
فالصوم فريضة كبقية الفرائض لها صورتان احداهما ظاهرية شكلية واخرى باطنية جوهرية اي بمعنى آخر انها تتمثل في هيئة قالب وقلب
فالقالب لأي فريضة ظاهرها وشكلها والقلب لها جوهرها ومعناها وحتى تكون لأي فريضة ثمرة ونتيجة عالية لابد من الوقوف بعد العمل بها على اثرها وانعكاسها
نعم الصوم الظاهري خير وفيه بركة وثواب واجر ولكن ماهو ارفع منه خيرًا وبركةً هو صيام الداخل والخفي
والذي يقع على اللسان والجنان اي الامتناع عن سوء الكلام والاعراض عن مساوىء الافكار
فاذا صام القلب واللسان صامت معهما بقية الجوارح وكان معه النفع والفائدة والقبول والاجر والثواب
فالصوم في تقديره الاولي وأن خير واعلى مراتبه هو صوم القلب اذ أنه خير من صيام اللسان وصيام اللسان خير من صيام البطن
مع انه باد ذي بدأ ان الصوم يبدأ حسب الظاهر بصوم البطن ثم اللسان ويتبعهما القلب
وهذا الترتيب ماهو الا شكلي وظاهري وحسب
ولكن المعول والمائز والذي عليه يجري التفضيل هو الترتيب الاخر الذي فيه تقديم صيام القلب على اللسان والبطن والذي فيه تتجلى حقيقة وعظمة الصيام
وهكذا قالها رائد الحقيقة والحكمة امير المؤمنين علي(ع)(صوم القلب خير من صيام اللسان وصيام اللسان خير من صيام البطن)
وبهذا الصيام المتمثل في صيام القلب عن الفكر في الاثام نقف على افضل الصيام ونصون به مادونه من الصيام،كصيام اللسان والبطن والخ..
لقول امير المؤمنين علي (ع)(صيام القلب عن التفكر في الآثام افضل من صيام البطن عن الطعام)
فالصيام الصيام هو الصوم عن المحارم والمآثم والمعاصي والذنوب وحينها ينفع الصوم عن الطعام والشراب اذ ان الصيام عن المحارم يستدل عليه بالصيام عن الطعام اي كما يمتنع الصائم عن الطعام ينبغي ان يمتنع عن الآثام وهو اعلى مراتب الصيام اذ يقول امير المؤمنين علي(ع)(الصيام اجتناب المحارم كما يمتنع الرجل من الطعام والشراب)
والا فما عساه ان يصنع ويستفيد من هذا الصيام والامتناع اذا لم يصم قلبه وجوارحه؟
حيث تقول السيدة فاطمة الزهراء (ع)(مايصنع الصائم بصيامه اذا لم يصن لسانه وسمعه وبصره وجوارحه)
–
نسأل الله السميع العليم ان يبصرنا في دينه ويعلمنا احكامه ويجنبنا آثامه ويعيننا على صيام شهره ويوفقنا لقيامه وتلاوة آياته والتقرب اليه بطاعاته والزلفى له بحسناته
–
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الخير وخير الرسل محمد وآله الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة 2|9|1439 هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس