كلمة الجمعة للشيخ حسين آل خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي بنوره اشرقت السموات والارض والصلاة والسلام على الداعي الى الهدى والقائد الى الصلاح والدال على الخير والحاكم بالعدل سيد الرسل وخير الخلق محمد وآله الطيبين الطاهرين
(المهدي يملؤها عدلاً)
قال الرسول الاعظم محمد(ص)(لو لم يبق من الدنيا الا يوم لبعث الله فيه رجلاً من اهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جورًا)
من نعم الله تعالى على عباده ان بعث فيهم رجالات اصلاح ودعاة حق ليأخذوا بهم الى جادة الصواب وطريق الصلاح وسبيل الخير ويحذرونهم من الشر والفساد والزيغ عن طريق الحق ومن الوقوع في الظلم
انهم الرسل والانبياء والتالين لهم من اوصياء ورجالات طهارة وعصمة وصلاح وعفة وعلم وحكمة وحزم ورقة ومعرفة ودراية وحسن تدبير وصنع
والغايه من ذلك الوصول الى مافيه السعادة والفلاح والخير والرخاء فالفلاح الذي يكمن في توحيد الله وعبوديته يتحقق به الصلاح والنماء والازدهار والتقدم في ميادين الحياة سواء في مجالاتها الاقتصادية او الادارية او السياسية او الصحية والنفسية
وهذا ماتعنيه كلمة رسول الاسلام محمد(ص)التي قالها على مسامع الناس(قولوا لا اله الا الله تفلحوا)
والقصد منها ليس في حدودها اللفظية والكلامية وانما ابعد واوسع من ذلك الا وهو الالتزام التام والدقيق بمعنى وروح هذه الكلمة بحدودها واحكامها وماتضمنته من معاني واهداف وحينها يكون الانتهاء الى الفلاح والنجاح والتقدم وفي كل الميادين
وهذا مادأب وجد فيه حملة الرسالات واصحاب الحملات ورواد النهضات في سبيل الهداية والقيادة الى نهج الله القويم وطريقه المستقيم وهديه السليم
كل ذلك في سبيل اصلاح هذا الانسان وانعاشه وتقدمه واسعاده
ومنذ الفاتح من الدعاة من انبياء الله آدم الى محمد الخاتم(ص)
ورسالاتهم تنضح وتلهج وتصدح بالخير وتدعو لإقامته وافشاءه ونشره ومنابذة الشر والفساد ومحاربته والكف عنه ومنعه بعد التعبد لله تعالى بالتوحيد والطاعة له ولرسوله (ص)
واقامة مظلة الخير الكبرى المتمثلة في نشر العدل والاحسان وذلك من خلال انصاف الاخرين وتمكينهم من حقوقهم ومطالبهم والتي فيها اطمئنانهم واستقرارهم وراحتهم وسعادتهم وهذا ماعمل عليه رسول الله (ص) بعد ماسبقه اخوانه وشركاؤه انبياء الله ورسله(ع)
فقد صرف كل اوقاته من اجل الله تعالى في سبيل انقاذ البشرية واسعادها وتحمل ما تحمل من المصاعب والشدائد والاذى والاضطهاد كل ذلك في سبيل تحرير الانسان واسعاده وذلك عبر اقامته على العدل والحق والصلاح والصدق وهذه هي الإرادة الالهية والغاية الربانية من بعث الرسل وتكليفهم
الى ان يأتي اليوم الذي فيه تملأ الارض قسطًا وعدلاً وصلاحًا وامنًا بعد ملئها ظلمًا وجورًا وعلى يد ولي الله الاعظم شريك القرآن وحجة الرحمن وامام الانس والجان المدخر لإقامة العدل والقسط وتطهير الارض من الظلم والجور وبنهضته الكونية وفي ظل دولته العالمية ينعم الكون بواسع عدله وخالص قسطه انها النهضة والدولة التي بشر بها رسول الله (ص) واخبر بها من قِبل رب السماء الله تعالى حيث ان الرسول (ص) يقول(لو لم يبق من الدنيا الا يوم لبعث الله فيه رجلاً من اهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جورًا)
ويقول الرسول(ص) ايضًا ( لو لم يبقى من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجلاً من اهل بيتي يملأ الارض عدلاً وقسطًا كما ملئت ظلمًا وجورًا)
نعم يملؤها عدلاً وقسطًا كما ملئت ظلمًا وجورًا
وبادي ذي بدأ من تحقيق العدل هو لمن وقع الظلم والجور عليهم من اهل بيت الرساله وغيرهم ممن كان من قبلهم وبعدهم
وفي ظل هذه الدولة الالهيه لا يوجد الا الرضا والاطمئنان وفيها عطف هذه الدنيا على الذين استضعفوا او ظُلموا كما يقول الامام امير المؤمنين علي(ع)(لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها)وتلا عقيب ذلك(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)القصص|5
وقال الامام علي(ع)(نحن المستضعفون الذي سيمن الله علينا)
وفي قول اخر له(ع)(هم آل محمد يبعث الله مهديهم بعد جهدهم فيعزهم ويذل عدوهم)
ونقولها وبكل قطع لو اتيح المجال لآل محمد بالحكم لما رأت هذه الانسانية الا العدل والقسط
وفي تبعيدهم واستضعافهم وظلمهم فتح الباب بل الابواب على مصاريعها بالظلم والجور حتى كادت كل البقاع لا تخلو منه
ولكن يومه قريب وفيه يعود الامر الى نصابه والحكم الى اصحابه الا وهم آل محمد وعلى يد قائدهم ومهديهم والذي يحمل في جوانبه روح وقلب جده رسول الله (ص) كما قال عنه(اسمه اسمي وشمائله شمائلي وكنيته كنيتي يملأ الارض عدلاً وقسطًا كما ملئت ظلما وجورا)
وهكذا هي سيرة الشبيه كما هي سيرة من سبقه اي كما كانت سيرة الرسول الاعظم (ص) هو اصلاح هذه الانسانية والرحمة بها
كذلك هو الحال لوعد الله تعالى وبشارته سيملؤها صلاحًا وعدلاً ورحمة وبركة ويطهرها من الظلم والجور
–
نسأل الله العظيم الجليل ان يوفقنا للهداية والصلاح وان يعجل لمولانا صاحب العصر والزمان الفرج والمخرج والنصر والظفر ولاوليائه ومحبيه إنه ولي التوفيق
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة 17|8|1439 هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس