مقالات

مهندس العمل الاجتماعي

رضي منصور العسيف

عندما تتولى الكفاءات قيادة العمل الاجتماعي فإنها بلا شك ستحدث تغييراً جوهرياً في تلك المؤسسة، ستعمل جاهدة لتحقيق النجاحات.
وهكذا كان المهندس عباس الشماسي الذي كان يمتلك تلك الكفاءة المهنية والثقافية والاجتماعية التي من خلالها استطاع أن يقفز بالعمل الاجتماعي إلى قمم النجاح.
في هذه المقالة سأذكر بعض النقاط المهمة التي كان يتمتع بها المرحوم الشماسي، وذلك بعد أن تجولت في بعض مقالاته وسمعت ما قاله أصدقائه من كلمات تأبينية، وبعد التجول في صفحته على الفيسبوك.

المسئولية أولا
العمل الاجتماعي ليس عملاً منطلقاً من المحاباة لجهة معينة، أو مجاملة لشخصية معينة، وإنما هو قناعة ومسئولية ذاتية تؤمن بهذه الفكرة.
وهكذا كان المهندس الشماسي يتحلى بروح المسئولية الاجتماعية وعليه أن يسخر هذه الطاقة وهذه الكفاءة في دفع عجلة التقدم الاجتماعي، وأن يساهم في سد الثغرات الاجتماعية فكان مشاركاً في العمل الخيري بوعي ومسئولية وقناعة ذاتية.

التخطيط … لا العشوائية
تكثر اللجان التطوعية في القطيف الحبيبة، ولكن يبقى العمل الذي يعتمد على أسس التخطيط السليم وهذا يشمل:
الرؤية الواضحة في العمل.
وضع الأهداف.
التوجيه السليم لإنجاز العمل.
وهذا ما كان يتمتع به المهندس الشماسي ففي مقال الرؤية أول العمل يقول: الهدف الجيد هو الذي يقربك من تحقيق انجاز الرؤية ولكي يكون ذلك لابد أن يكون هدفاً ذكياً.. أي أن يكون محدداً، يمكن قياسه، يمكن تحقيقه، واقعياً وله إطار زمني محدد(1).
ففي كل حركة كان له هدف ورؤية، منطلقاً من قول الإمام الصادق (عليه السلام): العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، ولا يزيده سرعة السير من الطريق إلا بعدا (2).

الحضور الاجتماعي
القائد لا يعيش في برج عاجي، منعزلا عن الساحة الاجتماعية، تصدر منه الأوامر والنواهي بل تراه منخرطاً في المجتمع يعيش همومه، يتفاعل مع قضاياه.
وهكذا كان المرحوم المهندس الشماسي ذو حضور اجتماعي متميز في:
الفعاليات الاجتماعية.
المناسبات الاجتماعية (وفيات، زواجات)
الجولات الميدانية التي كان يقوم بها مع أعضاء المجلس البلدي.
ولأنه كان اجتماعياً تفاعل أبناء المجتمع مع خبر وفاته فكان كما قال الإمام علي عليه السلام: خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ (3).

العمل الدؤوب
العمل الدؤوب لا يأتي من فراغ، بل من نفس قوية وإرادة فتية وهمة سابقة، وسر ذلك كله في التفكير الإيجابي, وطرد كل مظاهر السلبية الداخلية، التي تحول بينه وبين الاستمرار وتحقيق النجاح.
وكل من عمل مع المرحوم سيجد أنه يمثل هذه الصفات ولهذا فقد كان شعلة من النشاط والفاعلية في العمل.
إن العمل الدؤوب هو شعار الناجحين: كما ورد عن الإمام علي (عليه السلام): العمل شعار المؤمن. وعنه (عليه السلام): بالعمل يحصل الثواب لا بالكسل. وعنه (عليه السلام): من أبطأ به عمله، لم يسرع به حسبه (4).

كان مخلصاً
من الامتحانات الصعبة أن تتولى مسؤولية اجتماعية (جمعية، مجلس بلدي) وتعمل جاهداً أن لا تتأثر بثوب تلك الجهة وأن تتغلب على ضغوط النفس من حب الشهرة أو المصلحة الذاتية، فتكون مخلصاً متفانياً في عملك.
وقد نجح المرحوم في هذا الامتحان الصعب، فهو القائل: “علينا المحاولة ووضع المصلحة العامة للمنظمة فوق كل اعتبار لتصبح الاحلام حقيقة” (5).
وكذلك يوصي كل من يمارس دوراً اجتماعياً:” ابتغى العمل لرضا الله عز وجل دون تكتل أو تسييس أو تحزب، فما كان لله ينمو”(6).
وهذا كان مطبقاً قول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): اعمل لوجه واحد يكفيك الوجوه كلها (7).

تشجيع الشباب
كان يؤمن بـأن “الشباب هم القوة الدافعة والمحرك الأساسي للتغيير”
ولذلك كان يشجع الشباب ويحثهم على الالتحاق بالعمل التطوعي، حيث يقول: “لا يمنع ذلك أن يرشح الشباب العامل لخوض هذه التجربة إذ يوجد الكثير من الشباب المؤهل في كل المجالات ليتناغم وجودهم ويتكامل مع أهل الخبرة والتجربة ليصبح فريق عمل واحد ينضح بالحيوية والنشاط ضمن عمل جماعي دؤوب منظم(9).
وكثر من الشباب الذين يمارسون دوراً اجتماعياً كان للمرحوم الشماسي دوراً في استقطابهم أو تشجيعهم ليمارسوا دورهم التطوعي في خدمة مجتمعهم.

هذه بعض ملامح مهندس العمل التطوعي رحمه الله تعالى رحمة الأبرار واسكنه فسيح الجنان.

الهوامش:
1 ) مقال الرؤية أول العمل.
2 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢٠٩٢
3 ) نهج البلاغة
4 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢١٢٠
5 ) مقال الرؤية أول العمل
6 ) مقال من ننتخب
7 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ١ – الصفحة ٧٥٤
8 ) مقال الشباب وإلهام التغيير في رؤية 2030
9 ) مقال من نتخب

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى