دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي اكمل الدين واتم النعمة ورضي بالاسلام دينًا بإمامة الحق وولاية علي بعد النبي والصلاة والسلام على خاتم الانبياء وسيد الرسل محمد وآله الطيبين الطاهرين
(افضل الاعياد عيد الغدير)
قال الرسول الاكرم محمد (ص)(يوم غدير خم افضل اعياد امتي وهو اليوم الذي امرني الله (تعالى ذكره) بنصب اخي علي بن ابي طالب علمًا لأمتي يهتدون به من بعدي وهو اليوم الذي اكمل فيه الدين واتم على امتي فيه النعمة ورضي لهم الاسلام دينًا)
ما اجمل وابهى وازهى بالانسان حين ينجز امرًا عظيمًا ويحقق انجازًا كبيرًا ويظهر مشروعًا واسعًا ويسطر فعلاً عجيبًا يحلو ويحق له ان يظهر بعد ذلك سروره وواسع انشراحه ويعتبر ذلك اليوم الذي يقف فيه ويلبس ثوب السرور ويظهر اسارير البهجة والارتياح على وجهه وقلبه معًا
ان ذلك اليوم يوم عيد ويوم خير ونعمة ويجعله يومًا فيه كلما عاد وتكرر ان يتكرر معه العزم والانبعاث والتقدم والتجدد والتألق والارتقاء
وهكذا هو دأب وديدن العظماء والكبار حين يحققون ما امكنهم من انجاز واظهار ما وسعهم من مهمة وقبل ان يرحلوا من الحياة يقفون في يوم يعلنون فيه كامل سرورهم وواسع ابتهاجهم ويعدون ذلك عيدًا
وعلى رأس ومقدمة هؤلاء العظماء والكبار في التاريخ هم انبياء الله ورسله ومن هم على جادتهم
فلا يكاد احدهم ان تنتهي مهمته وتنقضي ايامه الا واتخذ له يومًا فيه يظهر سروره وبهجته ويكون ذلك اليوم عيدًا له ولأمته وفيه ينصب خليفةً وممثلاً وحافظًا وسادنًا وخليفةً له من بعده
وحال ذلك كحاله من الصلاح والطهارة من الشرك وغير ذلك من المسالك التي لا تتوافق وطهارة الرسالة وقداستها ونزاهة شأنها
وهكذا هو الوضع وعلى مدى وامتداد التاريخ الى ان انتهى الامر الى ساحة رسول الله محمد (ص) فكان له كما كان لسلفه من اخوانه الانبياء وشركائه الرسل في اظهار وتحقيق اعظم مشروع في الحياة وهو اظهار امر الله تعالى وتوحيده ونشر رسالته ودعوته وتحقيق مافيه رضا الله وارادته وهداية البشر واصلاحهم وقبل ان يرحل من الحياة ويفارق الدنيا بعد ان كان في خلده وقلبه قد جرى الإيذان والاعلام بالرحيل من قبل رب السماء
فما كان منه الا ماكان من الذين سبقوه من جعل من يخلفه ويقوم بالامر من بعده ونفسه نفسه وروحه روحه وذاته ذاته وله من الملكات والميزات ماله
اي للخليفة والامام ماللمستخلف ليكون اهلاً لهذا المنصب لأنه منصب ومقام لا يناله الا اهل التقوى والايمان والطهارة والنزاهة
وهذا لم يكن الا لرسول الله (ص) ومن هو منه الروح بالروح والنفس بالنفس من الطهارة والبراءة من الشرك والظلم ولم يكن ذلك متوفرا الا في امام المتقين وسيد الموحدين وامير المؤمنين علي بن ابي طالب (؏)
وماكان اهلاً وجديرًا بهذا الامر الا لأنه كان يملك من الشأن ما يبلغه ذلك ويوصله لأن امر الخلافة والامامة عهد الله وعهد الله لا يناله الظالمون
وابرز معالم الظلم ان يقع الفرد في الشرك وعبادة غير الله تعالى وبذلك ابعد الله عن عهده وامامته اي شخص قد سقط في هفوة الشرك واعتبره ممنوعًا ومحجوبًا عن ذلك بقوله تعالى في كتابه الكريم (وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) البقرة |١٢٤
فما في هذه الامة بعد رسول الله (ص) من شخص لم يشرك بالله في حياته طرفة عين ابدًا الا علي امير المؤمنين (؏) وقد اطلق عليه وسام الكرم والتكريم لمقامه ووجهه لذلك
لأنه لم يظلم ولم يشرك بالله تعالى وقد قيل “كرم الله وجهه” لما هو عليه من الاخلاص والعبودية لله تعالى والتفاني اللامتناهي لنصرة دين الله واعلائه
وقد استحق بذلك ان يكون لعهد الله اهلاً ولأمره بعد رسول الله اميرًا وخليفةً
فكان من الله الأمر والحكم في جعل علي اميرًا وخليفةً على المسلمين بعد رسول الله (ص) لقوله جل وعلا (أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)
المائدة |٦٧
ماكان هذا الامر لرسول الله (ص) بالتبليغ الا بشأن الامامة والخلافة لعلي من بعده على امته لان رسول الله (ص) لم يترك او يؤخر اي امر من امور الدين الا وقد صدع به وبلغه
الا هذا الامر اي امر الامامة والخلافة تريث رسول الله في ابلاغه ليجد الوقت المناسب لتبليغه
وحين جاء الامر بل والتشديد عليه في تبليغه فما كان من رسول الله (ص) الا وانطلق وبكل عزم وثبات وعلى بركات الله تعالى بالقيام بتنصيب علي اميرًا وخليفةً على امته من بعده
فتم ذلك واصبح امير المؤمنين علي ولي كل مؤمن ومؤمنة وقد بايع كل من حضر من ذلك الجمع ممن كان برفقة رسول الله وقد ابدى الكل مباركته بعد مبايعته وقد قالها من قالها : “بخ بخ لك ياعلي لقد اصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة”
او بعد هذا يحق لأحد ان يفكر او ينظر او يقرر او يختار خليفةً وامامًا ووصيًا لهذه الامة؟
كلا وكل مافي كلا من معنى
وعلى كل حال فإن الرسول محمد (ص) وبعد هذا التنصيب لعلي اخذ يدعو الناس بالتهنئة والمباركة له ولأهل بيته الاطهار بهذا اليوم وقال :
(هنئوني ان الله خصني بالنبوة وخص اهل بيت بالإمامة)
وبهذا ترسل السماء التهاني والتبريكات بهذا العيد وهذا اليوم الذي فيه وبه قد اكمل الله الدين واتم النعمة ورضي الاسلام دينًا
حيث يقول الله تعالى في كتابه المجيد (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ) المائدة | ٣
ومن هنا نقول الحمد لله على اكمال الدين واتمام النعمة ورضا الرب بالاسلام لنا دينًا
بولاية وامامة علي امير المؤمنين (ع)

نسأل الله المولى الكريم ان يجعلنا جميعًا من اهل ولايته وولاية رسوله وولاية علي امير المؤمنين والمتمسكين بهذا اليوم الذي فيه تحقق اعظم واكبر انجاز الا وهو تنصيب امير المؤمنين امامًا وخليفةً وحافظًا للدين كما هو حال رسول الله (ص)
انه ربنا واسع الرحمة وعظيم العطاء
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الكرام الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ١٧|١٢|١٤٤١ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى