دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي هو احب من كل حبيب واعز من كل عزيز واحكم من كل حكيم والصلاة والسلام على حبيب رب العالمين رسول المحبة والسلام المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(احبكم الى الله)
‏قال الإمام زين العابدين وسيد الساجدين علي بن الحسين بن علي(؏)(احبكم الى الله احسنكم عملاً)
الحب كل الحب الذي يمكن ان ينصب ويقام بين العبد وربه ان يمحض العبودية ويخلصها لربه وذلك عبر احسان العمل واخلاص الطاعة بل الى ماهو اوسع واشمل بحيث لا يقتصر في طاعته وعمله على صلاة او صوم وغيرهما من العبادات والطاعات
وانما يسعى طالبًا من ربه ان يوفقه في جعل حياته ومماته وبكل مافيها من تفاصيل وتفريع لله تعالى ورضاه كما يقول الله تعالى (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) الأنعام|١٦٢
نعم إن المحب لمن احب مطيع والصادق مع ربه متبع ولهديه عامل ولدينه رافع وعنه مدافع
وحينها تتجلى محبة الله له وتظهر كما اظهرها هو وجلاها
وهذا ماتحقق وظهر في محضر رسول الله (ص) حين حمل دين الله تعالى وحماه وحفظه ورعاه وصانه وفداه فهو بذلك رسول الله وحبيبه
وكذلك من هو من سنخه ومحتذاه الذي احب الله ورسوله واحبه الله ورسوله
وذلك الحب الذي تمثل في حفظ الدين وسلامته ونجاة الرسول ورعايته بعد الالتزام والعمل بالدين وأحكامه وطاعة الرسول وإتباعه فكان بمثابة الدرع الحصين والركن الوثيق للرسول ودينه بما يملك من حب واخلاص وصدق ووفاء وعزم وإباء
فصار بذلك محبوبًا للحبيب إنه علي امير المؤمنين وسيد الوصيين وعميد المجاهدين ورافع راية الدين وحبيب الله والرسول الأمين كما قال الرسول الكريم محمد (ص)(لأعطين الراية غدًا رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار وليس فرار لا يرجع حتى يفتح الله عليه)
وهذا القول والكلام ليس للمجاملة والمحاباة وانما هو من صميم الواقع ولب الحقيقة اذ بحبه وصدقه لله ورسوله نال المقام السامي والمرتقى العالي فهو العالي على كل عالي اذ علاه العالي لأنه علّى واقام الدين كما قال رسول الله (ص)(قام الدين على مال خديجة وسيف علي )
فالحب لله ودينه والرسول ورسالته ينتهي بالحب والتكريم وهذا ماحصل لمن حب الدين ودافع عنه كخديجة وعلي (؏)
فعلى يدي علي (؏) أجرى الله الفتح والنصر كما قال رسول الله (ص)(لا يرجع حتى يفتح الله عليه)
فبحب الله تعالى لعلي تحقق الفتح بعد حب علي لله ورسوله وهكذا تحقق نزول الغيث والرحمة على اهل مكة في وقت من الاوقات وهم بأمس الحاجة الى ذلك وقد فزع اهل مكة الى اهل العلم والمعرفة لعلهم يصيبون بهم مطلبهم وحاجتهم ولكن لم يتحقق ذلك وحينها التجأوا الى حبيب الله وعبده زين العابدين علي بن الحسين (؏) ماروي عن ثابت النباتي
قال : كنت حاجًا وجماعة من عبّاد البصرة مثل ايوب السجستاني وصالح المروي وعتبة الغلام
وحبيب الفارسي ومالك بن دينار ، فلما دخلنا مكة رأينا الماء ضيقًا وقد اشتد بالناس العطش لقلة الغيث ففزع الينا أهل مكة والحجاج يسألون ان تستسقي لهم فأتينا الكعبة وطفنا بها ثم سألنا الله تعالى خاضعين متضرعين بها فمنعنا الإجابة فبينما نحن كذلك اذ نحن بفتى قد اقبل قد اكربته احزانه واقلقته اشجانه فطاف بالكعبة اشواطًا ثم اقبل علينا فقال : يامالك بن دينار ويا ثابت الغباتي ويا ايوب السجستاني وياصالح المروي وياعتبة الغلام وياحبيب الفارسي وياسعيد ويا عمر وياصالح الأعمى ويا رابعة وياسعدانة وياجعفر بن سليمان فقلنا : لبيك وسعديك يافتى
فقال: اما فيكم احد يجيبه الرحمن؟
فقلنا : يافتى علينا الدعاء وعليه الاجابة
فقال: ابعدوا عن الكعبة ؛ فلو كان فيكم احد يجيبه لأجابه ، ثم اتى الكعبة فخرّ ساجدًا
فسمعته يقول في سجوده :
سيدي بحبك الي الا سقيتهم الغيث
قال: فما استتم كلامه حتى اتاهم الغيث كأفواه القرب
فقلت : يافتى من اين علمت انه يحبك؟
قال : لو لم يحبني لم يستزرني فلما استزارني علمت انه يحبني ، فسألته بحبه لي
فأجابني ثم تولى عني وأنشأ يقول :
من عرف الرب فلم تغنه
معرفة الرب فذاك الشقي
فقلت : يا أهل مكة من هذا الفتى؟
قالوا : هذا علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب(؏)
نعم إنه علي بن الحسين بن علي
هو كما هم اباءه في الحب والصدق والعبادة والقرب والإخلاص والاحسان فهم احسن الناس عملاً وهم احب الناس الى الله
وذكرهم بعد ذكر الله مقدم كما يقول شاعرهم ومحبهم الفرزدق :

مُقَدَّمٌ بَعْدَ ذِكْرِ اللَهِ ذِكْرُهُمْ
فِي‌ كُلِّ بدءٍ وَمَخْتُومٌ بِهِ الكَلِمُ

مِنْ مَعْشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ وَبُغْضُهُمُ
كُفْرٌ وَقُرْبُهُمُ مَنْجيً وَمُعْتَصَمُ

إنْ عُدَّ أهْلُ التُّقَي‌ كَانُوا أئمَّتَهُمْ
أوْ قِيلَ: مَنْ خَيْرُ أَهْلِ الارْضِ قِيلَ هُمُ


نسأل الله المولى الكريم ان يوفقنا للعمل الصالح والحب الصادق والسير على هداه والتمسك بولاية نبيه وآله الطاهرين وأن يجعلنا معهم في الدنيا والآخرة انه سميع مجيب
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الحبيب والرسول الأمين المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ٩|٨|١٤٤١ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى