دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين آل خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي جعل حبه في اتباع نبيه والتمسك بدينه والتواضع لعباده والبذل في مرضاته والصلاة والسلام على الامين ورافع الدين ونبي الثقلين المصطفى بن الاكرمين محمد وآله الطيبين الطاهرين
(مثلث المحبة)
قال الامام ابو عبد الله جعفر بن محمد الصادق(ع)(ثلاث تورث المحبة:الدين والتواضع والبذل)
على الحب استقر الايمان وقام وظهر وبان وصار وكان وامسى له اركان وبالحب نكون اصحاب دين وايمان
وهل الايمان الا حب واحسان وطاعة
ورفق بالانسان ورعاية وعناية بالحيوان؟
نعم انه الايمان الخالص والالتزام الصادق الذي يتدفق منه الحب ويفيض منه الود وهو الايمان الذي عناه وقصده الامام جعفر بن محمد الصادق(ع) حين سئل عن الحب ومكانه وموضعه من الايمان فقال(ع)(وهل الايمان الا الحب؟)
ومن هنا فإن الايمان حب والحب ايمان اذ لا يكون ايمان بلا حب ولا حب بلا ايمان
فمن يؤمن بالله فلا بد وان يحب الله ومن يحب الله لابد وان يؤمن بالله
والايمان بالله يعني طاعته والعمل بأمره والانتهاء عما نهى والاتباع لرسوله(ص) والطاعة له
وهذا هو الحب والصدق طاعة وحسب وعبادة وفقط دونما يخالط ذلك الحب مخالفة ومعصية فالحب المغمور والممزوج بالطاعة هو الحب السليم والصادق والخالص والصافي الذي لا تعقبه مذمة ولا ملامة كحال الذي يظهر حبًا ورغبةً لله تعالى وفي الوقت نفسه عاص ومخالف لله تعالى فيقول الامام الباقر في حق هذا الصنف من الناس :
تعصي الإله وانت تظهر حبه
هذا لعمرك في الفعال بديع
لو كان حبك صادقًا لاطعته
ان المحب لمن احب مطيع
وهذا الحب والايمان حين اريد منه ان يكون خالصًا لله تعالى دونما شائبة من معصية او مخالفة لا بد وان يكون مقرونًا بالعلم والمعرفة لان العالم بالله والمحب له ، هو له مطيع وعن مخالفته منيع لقول الامام الباقر (ع)(ماعرف الله من عصاه)
فمن المعرفة تتولد المحبة ومن المحبة تتولد الطاعة ومن هذا يكتسب الانسان محبة الله تعالى ورضاه وتوفيقه وعطاه،ويجعل له في نفوس الناس ودًا واكرامًا واعظامًا كما ورد في الحديث المبارك (من عظم دينه احبه الناس)
فحب الدين وتعظيمه انما يعني العمل به والالتزام بأحكامه والتجسيد لاوامره والامتناع عن نواهيه وزواجره والسير على وفق آدابه وتوجيهاته
وكذلك من الامور التي تورث المحبة وتجعل من الانسان له مكانة ومحبة في نفوس الناس وموقع في قلوبهم هي خصلة وصفة التواضع
وهي صفة وسمة يحبها الله تعالى وبها ينال الانسان حب الله تعالى واكرامه اذ ان الله لا يحب المتكبرين
والتكبر خلاف التواضع اذ ان في التكبر المقت والبغض وفي التواضع الحب والرضا
وهكذا الناس وماهو جاري في نفوسهم من قبول وحب من يتواضع ويخفض الجناح لهم ولا يتعالى عليهم بخلاف المتعالي والمتكبر والمترفع عليهم فلا يكون منهم تجاهه الا المقت والكره والبغض والازدراء
ومن هنا فمن اراد ان يكون له موقع من النفوس ووجود في القلوب ان يسلك مسلكًا حسنًا طيبًا مع الاخرين من خلال تواضعه وطيب عريكته
فيكون بذلك محبوبًا لدى الناس تحن اليه قلوبهم في وجوده وتحزن عليه نفوسهم عند فراقه ففي الحديث المبارك(خالطوا الناس مخالطة فإن عشتم حنوا اليكم وان غبتم سألوا عنكم وان متُّم حزنوا عليكم)
وكل هذا يعود الى ماهو عليه من حسن صنيع وسلوك بديع وتصرف رفيع وكما هو باذل من نفسه التواضع للاخرين وخافض الجناح لهم
هو كذلك باذل ومقدم ما امكن من عطائه ومايملك سواء من ماله او نفسه فهو يرى انه ملك للاخرين وبهذا يصبح مالكًا لقلوبهم وحائزًا على نفوسهم اي على حبهم وتقديرهم وهكذا جبلت القلوب والنفوس على حب من احسن اليها وبغض من اساء اليها كما يقول الرسول(ص)
نعم بالدين والتواضع والبذل نحقق مثلث المحبة والصفاء
فمن يتمسك بدينه ويعمل به وعلى الوجه المرضي لله تعالى وذلك من خلال تنفيذ اوامره واحكامه والكف عن معاصيه ونواهيه
وكذلك التعاطي مع الاخرين باحترام وتواضع وبذل وعطاء وجود واحسان

نسأل الله العلي القدير ان يوفقنا جميعًا للتمسك بدينه والعمل بأحكامه والسير على هديه وهدي نبيه وآله من التواضع والبذل والعطاء والسعي في سبيل اعلاء دينه وخدمة عباده وبحب وصدق واخلاص ووفاء
لننعم جميعًا برضاه وعطاه ونسعد بحبه وولاه
إنه جواد كريم رحمـٰن رحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ٢٢|١٠|١٤٣٩ هـ
الشَّيخ حُسين مهدي آل خميس

زر الذهاب إلى الأعلى